أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 10 مايو 2014

الأحد الثالث للفصح المجيد - أحد المخلع


 احد المخلع الغالب الموت

ونحن لا نزال في الفصح،يبدو هنا غالب المرض الذي هو وجه من أوجه الموت المريض هو هذا المفلوج الذي لم يستطع نيل الشفاء، وكان مريضا ثماني وثلاثين سنة اي المدة التي قضاها بنو إسرائيل في تيه سيناء قبل دخولهم ارض الميعاد واذا كانت ارض الميعاد صورة عن المسيح يكون ما قبله ارض جفاف او نظاما دينيا لا يشفي اسرائيل او اورشليم ترمز اليهما البركة ذات الماء الراكد بالمقابل مع يسوع الذي هو ينبوع ماء حي

واذا كانت البركة رمزا لما عتق وشاخ مما كان آنذاك غير يسوع، فالبركة اليوم رمز للتقاليد البالية التي يخلقها الإنسان من نفسه او مطالعاته او الفولكلور الديني الشعبي وبكلمة من كل ما يتوكأ عليه الانسان في هذه الأرض فكما شفى يسوع المفلوج كذلك يشفينا اليوم من المعتقدات الكاذبة، من الفلسفة الباطلة، من البدع التي تفسد عقيدتنا


هذا الفصل الإنجيلي دعوة الى اعتبار يسوع كل حياتنا بحيث لا نبدّل تعليمه ولا نضيف عليه شيئا ولا ننقص منه شيئا ما يشفينا هو حبه لنا بحيث نتكئ على صدره ونسمع قلبه يناجينا

لقد شاهد اليهود الأعجوبة وبدلا من ان يشكروا السيد او يمجدوا الله أطلعوا شيئا من ناموسهم كما هم يفسرونه قالوا للمريض: "انه سبت فلا يحق لك ان تحمل السرير" في الأناجيل الأخرى ان "ابن الانسان هو رب السبت" وان الانسان لم يوجد للسبت بل السبت للإنسان يسوع لا ينقض السبت ولكنه يتوسع بتفسيره يريده متصلا بالرحمة ووصية يتمكن فيها على صنع العجائب من كان قادرا على صنعها "اريد رحمة لا ذبيحة"، وقياسا على هذا يجب الشفاء اذا وجد مريض. يكسر في ذلك لاهوت الفريسيين الذي لم يكن فيه أثر للعطف على الإنسان ان صدام يسوع للفريسيين في هذا المجال هو الذي هيأ لقتل السيد



 هذه التلاوة بيّنت لنا ان المسيح لم يحصر مهمته في صنع المعجزات اذ كان التعليم يهمه انه يظهر لنا على الايقونسطاس فاتحا الإنجيل اي معلما وهكذا سماه التلاميذ بالدرجة الاولى

بعدما قام بأعجوبة إكثار الخبز علّم كذلك يعلم نيقوديموس والمرأة السامرية يسوع هو بتعليمه الخبز النازل من السماء وانت تتلمذ على يسوع وحده وليس على فلسفة من فلسفات البشر وعندما كتب آباؤنا ما كتبوا انما عرفوا انفسهم يشرحون كلام السيد، وقد رفضوا دائما ان يأتوا بتعليم آخر

من اقتبل كلام السيد انما يقتبل السيد نفسه وبهذا الكلام يصحح ما قد يكون مغلوطا في ما دخل اليه من الفكر الملتوي.

كل فكر ملتوٍ يشوه المسيح الذي استقر فينا في المعمودية ونما فينا في العبادة وقراءة انجيله اجل يجب ان نطلع ما امكننا على كل شيء، على ان نخضع كل شيء لفكر المسيح الذي نحيا به ولا نكون مفلوجين لا ينبغي ان نعرج بل يجب ان نقفز كالأيائل التي تقصد دائما ينابيع الماء الحي

 نجد أن هذا المخلع لا يمتلك أي إنسان يساعده.. لم يكن هناك أحد ما بقربه لكي يحمله.. وضع رجاءه على البشر فخابَ.. ولكن عند سؤال السيد له: أتريد أن تبرأْ؟ أجابه بوداعة: يا سيد. ليس لي إنسانٌ يلقيني في البركة متى تحرك الماء!... فوضع رجاءه على السيد. وآمن بكلامه: قم احمل سريرك وامشي... وبدون تردد أو شك أو تذمر.. قام المخلع إلى الطرق المستقيمة.. إلى طريق الإتكال لا على البشر بل على الرب..

يسوع هو المخلص والشافي، هو طبيب الأجساد والنفوس. فتح أعين العميان وقاد الأذهان إلى النور.. يشفي العرج، ويقود الخطأة إلى طريق التوبة. لذلك إن كان أحد متألم من نفسه فإنه يجده طبيباً له، وإن كان أحد قليل الإيمان فليقل له: أعن قلة إيماني


((ورجَعَ يَسوعُ بَعدَ أيّامِ إلى كَفْرَناحومَ، فسَمِعَ النـاسُ أنَّهُ في البَيتِ. 2فتجَمَّعَ مِنهُم عددٌ كبـيرٌ ملأَ المكانَ حتى عِندَ البابِ، فوَعظَهُم بِكلامِ الله. 3وجاءَ إليهِ أربعةُ رِجالٍ يَحمِلونَ كسيحًا. 4فلمَّا عَجِزوا عَن الوُصولِ بِه إليهِ لِكثرَةِ الزِّحامِ، نقَبُوا السَّقفَ وكشَفوا فوقَ المكانِ الذي كانَ فيهِ يَسوعُ ودلُّوا الكسيحَ وهوَ على فراشِهِ. 5فلمَّا رأى يَسوعُ إيمانَهُم قالَ للكسيحِ: «يا اَبني، مَغفورَةِ لكَ خَطاياكَ!«
6وكانَ بَينَ الحُضورِ بعضُ مُعَلِّمي الشَّريعةِ، فقالوا في أنفُسِهِم: 7»كيفَ يتكَلَّمُ هذا الرَّجُلُ كلامًا كهذا؟ فهوَ يُجدِّفُ! مَنْ يَقدِرُ أن يَغفِرَ الخطايا إلاَّ الله وَحدَهُ؟«

8وعرَفَ يَسوعُ في سِرِّه أفكارَهُم، قالَ لهُم: «ما هذِهِ الأفكارُ في قلوبِكُم؟ 9أيُّما أسهَلُ: أنْ يُقالَ لِهذا الكسيح: مَغفورَةِ لكَ خَطاياكَ، أمْ أنْ يُقالَ لَه: قُمْ واَحمِلْ فِراشَكَ واَمشِ؟ 10سأُريكُم أنَّ اَبنَ الإنسانِ لَه سُلطانِ على الأرضِ ليَغفِرَ الخَطايا«. وقالَ لِلكسيح: 11»أقولُ لكَ: قُمْ واَحْمِلْ فِراشَكَ واَذهبْ إلى بَيتِكَ!« 12فقامَ الرَّجُلُ وحمَلَ فِراشَهُ في الحالِ وخرَجَ بِمَشْهدٍ مِنَ الحاضِرينَ. فتَعجَّبوا كُلُّهُم ومَجَّدوا الله وقالوا: «ما رأينا مِثلَ هذا في حَياتِنا!))   مرقس 2 :1ـ12



في زمن الصوم وفي الاحد الثالث منه تدعونا الكنيسة المقدسة للتامل في شفاء المخلع عندما كان يسوع يكرز في احد البيوت في كفرناحوم .
نظر يسوع الى ايمان الرجال الاربعة،ايمان يتخطى الحواجز ولايتوقف عند اي عقبة او مانع،ايمان ياخذ طريقاً لايفكر به الاشخاص العاديون. ان ايمانهم القوي يستطيع ان ينقب السقف لكي يصلوا الى يسوع.
امام هذا الايمان لن يقف يسوع مكتوف اليدين بل سيتحرك ويتجاوب ويبارك هذا الايمان بالغفران والشفاء، "يا ابني مغفورة لك خطاياك".
يقول القديس امبروسيوس (( كم هو مدهش الرب بفضل البعض يغفر للبعض الآخر،انه يستطيب دعاء الاولين فيغفر اثام الاخرين)).

اراد يسوع اولاً ان يغفر خطايا المخلع ،لان هذه الخطايا تطال الانسان في عمق ضميره وكيانه فما منفعة شفاء الجسد اذا لم يشف الروح؟ ويسوع لم ياتي من اجل القيام باشفية زمنية عابرة ولكن ليشفي الانسان من الخطيئة التي تستبعد كيانه الى الابد.
لقد اعلن يسوع امام الجميع ان له القدرة على مغفرة الخطايا ، اي انه يتمتع بما يحق لله وحده ، مبرهنا بذلك عن لاهوته .
  " قم احمل سريرك واذهب الى بيتك " اي استيقظ وكان المخلع كان نائماً ، والنوم كالموت هو غياب كلي عن الله مصدر الحياة. يسوع اذاً يدعو المخلع لينهض من رقاد طويل ، يغفر خطيئته يشفي جسده ويعيده الى الحياة .
يقول لنا النص اندهش الجميع بمن فيهم الكتبة ومجدوا الله معترفين ان قدرة يسوع هي شى جديد مطلق.

 " ما راينا مثل هذا قط " . انه الزمن المسيحاني :" البرص يطهرون والعرج يمشون والموتى يقومون......... هذا هو زمن الكنيسة زمن الشفاء من امراض الجسد والروح .
اليوم  كم نحن بحاجة الى ايمان الرجال الاربعة اي ايمان الجماعة المصلية المتعاونه على الخير والسلام لكي تحمل العالم الذي اصبح مخلع بسبب الاباحية والانانية واللامبالاة ........ وتوصله الى الكنيسة  حيث هناك الدفئة والمحبة والشفاء والحياة مع يسوع المسيح .

المسيح قام حقاً قام

مع محبتي للجميع بالمسيح ربنا آمين
كل عام و الجميع بألف خير
سامر يوسف الياس مصلح
بيت ساحور - 11-05-2014

ليست هناك تعليقات: