أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 25 أغسطس 2012

الأحد الثاني عشر بعد العنصرة






الرسالة: 1 كورنثوس 1:15-11

يـا إخـوة أُعـرّفكم بـالإنجيل الذي بـشّرتُكم بـه وقـبلتموه وأنـتم قائـمون فـيه، وبـه أيـضاً تـخلُصون إن كنـتم تـذْكُرون أيّ كلام بـشّرتُكم بـه، إلا إذا كـنتم قد آمـنتم بـاطلاً. فـإنـي قـد سلّمتُ إليـكم أولاً ما تــسلّمتـه أن المسيـح مات من أجل خـطايانا على ما في الكتـب، وأنـّه قُبـر وانه قـام في اليوم الثالث على ما في الكتب، وأنه تـراءى لصفا ثم للإثـني عشر، ثم تـراءى لأكثـر من خمس مئة أخ دفـعة واحدة أكثـرُهم بـاقٍ حتـى الآن وبــعضُهم قد رقـدوا، ثـم تـراءى ليـعقوب ثـم لجـميع الرسل، وآخـر الكـل تـراءى لي أنـا أيضاً كأنــه للسقْـط، لأني أنـا أَصغرُ الرسل ولستُ أهلاً لأن أُسمّى رسولاً، لأنـّـي اضطهدتُ كنــيسة الـله، لكنّي بـنعمة الله أنا ما أنا. ونــعمتُه المعطاةُ لي لم تــكن بـاطلـة، بـل تــعبتُ أكثر من جـميـعهم، ولكن لا أنا بـل نــعـمة الـله التي مـعي. فسواء كنـت أم أولئك، هكذا نـكـرز وهكـذا آمـنـتم.

الإنجيل: متى 16:19-22

فـي ذلك الزمان دنـا إلى يـسوع شاب وجثـا له قائـلاً: أيـها المعلّم الصالح مـاذا أَعمل مـن الصلاح لتـكون لي الحيـاة الأبـديـة؟ فقال له: لماذا تـدعوني صالحاً وما صالحٌ إلا واحدٌ وهـو الله؟ ولكـن إن كنـت تـريد أن تـدخل الحيـاة فاحفظ الوصايـا. فـقال له: أيـّة وصايـا؟ قال يـسوع: لا تـقتل، لا تـزنِ، لا تـسرق، لا تـشهد بـالزور، أَكرمْ أبـاك وأُمّك، أَحبـب قريـبك كنـفسك. فـقال له الشاب: كل هذا قـد حـفظتُه منـذ صبائـي، فـماذا يـنقصني بـعد؟ قال له يسوع: إن كنتَ تــريـد أن تكـون كاملاً فاذهب وبــع كـل شـيء وأعـطـه للمساكين فيكون لك كنـز في السماء وتـعال اتـبعني. فلمّا سمع الشاب هذا الكلام مضى حزيـناً لأنّه كان ذا مالٍ كثـير. فقال يـسوع لتلاميـذه: الحق أقول لكم إنـه يـعسر على الغنيّ دخول ملكوت السماوات؛ وأيـضاً أقول لكم إن مرور الجمل من ثـقب الإبرة لأسهل من دخـول غنيّ ملكوت السماوات. فـلما سمع تلاميذه بُـهتوا جـداً وقـالوا: مـن يـستطيع إذن أن يـخلص؟ فنـظر يـسوع إليهم وقال لهم: أمّـا عند الناس فلا يـُستطاع هذا، وأمّا عـند اللـه فكـل شيء مستطاع.
الشاب الغني

سؤاله ليسوع: "أيها المعلم الصالح ماذا أعمل من الصلاح لتكون لي الحياة الأبدية" سؤال محير. عبارة "الحياة الأبدية" وردت مرة واحدة في العهد القديم (دانيال 12: 2) وعنت حياة الراقدين من بعد قيامتهم. أما في العهد الجديد فقد وردت كثيرا. هل إن هذا الشاب سمع يسوع يتكلم عليها وأراد استيضاحه؟ هل ابتغى شيئا ابعد أو أعمق من العهد القديم؟ الأكيد أنه أحب أن يسعى مع الله. 

أما السيد فأجابه: لماذا تدعوني صالحا وما صالح إلا الله وحده؟ هذا الرجل ما كان يعرف أن يسوع إله وما كان يعرف أنه صالح. في كلامه شيء كثير من المجاملة. فكأن الرب يقول إن اعتبرتني إنساناً فقط فلا يسوغ أن تسميني صالحاً. مع ذلك يجيب المعلم عن السؤال: ماذا أعمل؟ احفظ الوصايا. بها الإنسان يحيا.

ليس المهم فقط أن تحفظ الوصايا على ظاهرها: لا تقتل، لا تسرق. القلب هو الذي ينشئ فيك الطاعة إذ يمكن ألا تسرق ويبقى قلبك سجين المال. يمكن ألا تزني فعلياً والشهوة فيك. المطلوب أن يكون قلبك ممتلئاً من الله، ألا يحكمك إلا الله. في حالة هذا الشاب المطلوب "بع كل شيء لك وأعطه للمساكين... وتعال اتبعني".

هناك من بدد ماله كليا على الفقراء وترهب لله. ولكن إن كنت عائشاً في العالم مسؤولاً عن عائلة لا يجوز أن تعطي كل مالك للفقراء. ما معنى كلام يسوع إذاً؟ ما يريده المسيح ألا يكون للمال أية مكانة في قلبك، تستعمله ولا تشتهيه، تكون حراً منه بحيث تعطي بعضاً منه أو الكثير إذا احتاج إليه غيرك.

غير أن السيد رأى أن الأغنياء في الواقع متعلقون بما عندهم ولذلك قال إنه عسير عليهم دخول ملكوت السماوات. صعب عليهم أن يروا أن الله كل شيء. مالهم والجاه الذي يتبعه إغراء دائم أمامهم كما أن الجمال موضع اعتزاز عند الجميل والذكاء عند الذكي والسلطة عند الحاكم، كل ثراء، مادياً كان أم معنوياً، يغري صاحبه. قد يسقط وقد لا يسقط.

لا يسقط الكل. ولكن أي رجاء للغني بعد أن قال يسوع أن بعضاً من الأغنياء يخلصون. هل هذا أمر تعسفي عند الله بحيث ينقذ من يشاء ويحكم على من يشاء؟

الغني يخلص بالعطاء. يسوع لا يعطي وصية ذات طابع حسابي ولا يقول عشِّر مالك كما في العهد القديم أو وزع نسبة معينة مفروضة على كل المسيحيين. ولكنه يوحي بأنه يحب أن تكسب روح المشاركة والأخوة مع الفقير فلا تحب لنفسك ما لا تحبه له. يقول: يجب أن تعطي ذلك المقدار الذي يجعلك تحس بأنك قضيت على شهوة المال. المهم أن تتحرر داخلياً من هذا الذي كان يستعبدك. ولهذا عليك أن تبذل شيئاً محسوساً على قدر ثروتك.

جاء يسوع ليحرر القلوب. هذه الحرية هي دخولنا ملكوت الله
ايها الاحباء: انجيل هذا الاحد هو انجيل الشاب الغني. هذا الشاب يقترب من المسيح ويسأله ماذا افعل كي أرث الحياة الابدية؟ ويرد عليه المسيح ويسرد له اولاً بعض الوصايا. فيرد الشاب ويقول انه قد حقق كل هذه الوصايا منذ صباه. فيجيبه المسيح ويقول له: ينقصك شيء واحد ” اذهب فبع ما تملك وأعطه للفقراء، فيكون لك كنز في السماء، وتعال فاتبعني”. فذهب الشاب حزيناً لانه كان ذو مالٍ كثير.

وفي انجيل مرقس يقول يسوع ما اعسر دخول المتكلين على الاموال الى ملكوت اللة “مر24:10 وايضا الغنى يؤدي الى خطايا كثيرة منها التكنيز الذي قال الرب يسوع عنه ” لاتكنزوا لكم كنوزا على الارض “وليس كل غنى يحكم عليه بعدم دخوله ملكوت اللة … انما كان يقصد يسوع .. عبادة المال … كما قالها من قبل ” لايقدر احد ان يخدم سيدين اما الله او المال.ويعطينا الرب لنا مثلا اخر … عن الغني الغبي الذى قال في نفسة ” اقول لنفسي يانفسي لك خيرات كثيرة استريحي وكلي واشربي وافرحي فقال له الله ياغبي هذة الليلة تطلب نفسك منك فهذه الذي اعددتها لمن تكون “لوقا 12:19
ويقول لنا الرب  ايضا فى انجيل لوقا عن قصة لمن يتهاون من الاغنياء فى حق المساكين …. قصة الغني والفقير العازر.


لكن ما استوقفني في انجيل اليوم، هو ان الشاب يسأل: ماذا افعل لارث الحياة الابدية؟ الشاب يبحث عن الحياة الابدية، ويعرف انها حياة يرثها بعد الموت، اي انها شيء مرتبط بالحياة القادمة. الحياة الابدية هي حياة تخص المستقبل والعالم الآتي. ويرد المسيح بطريقة غريبة: “اذهب فبع ما تملك وأعطه للفقراء، فيكون لك كنز في السماء، وتعال فاتبعني”. اي ان المسيح لا يقول له ماذا يجب ان يفعل كي يرث الحياة الابدية. بل يقول له ماذا يفعل كي يرى ويتذوق الان تلك الحياة الابدية. المسيح لا يضع امامه شرط كي يكسب الحياة الابدية، بل يضع امامه الطريق كي يختبر تلك الحياة ويحياها منذ الآن. نعم منذ الآن فالحياة الابدية هي بالفعل حاضرة. يسوع المسيح لا يدعو الشاب ان ينتظر شيئا في المستقبل بل ان يبدأ يتنعم الآن من تلك الحياة الابدية، نعم الآن. ان يتبع المسيح، ان يسير وراءه، ان يسير على خطاه، تلك هي الحياة الابدية التي من الممكن ان نتذوقها الآن.
ومن الملاحظ أن السيد المسيح وضع الصعوبة أمام الشاب، ولكنه لم يتركه لمواجتها، إذ أعطاه طريق الانتصار في القول : «اتبعني» أو في لغة أخرى أن المسيح لا يمكن أن يترك الشاب في الفراغ بعد أن يوزع كل ثروته، بل ستتحول شركته مع المسيح، إلى ثروته الحقيقية، وسيعطيه المسيح ذلك الغنى الروحي.

الذي يجعله يقول ما قاله الرسول الالهي بولس : « إني أحسب كل شيء أيضًا خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي الذي من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح» (فيلبي 3 : 7و8).

وكان الطمع هو ما رآه المسيح في الشاب الغني، عندما ذكر له الرب خمساً من الوصايا العشر، ثم ذكر له مضمون الوصية العاشرة بالقول: “بع كل شيء ووزع على الفقراء” (لو 18: 20- 22)، إذ لمس بذلك وتراً حساساً فيه، “فلما سمع ذلك حزن لأنه كان غنياً جداً” (لو 18: 23).

ويذكر بولس الرسول  الطمع -بكل صوره كأكبر مظهر للخطيئة ويقول في رسالته الأولى لتيموثاوس: “لأن محبة المال أصل لكل الشرور، الذي إذا ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة” (1 تي 6: 10) .

وهكذا يصبح الطمع أصلاً لكل الشرور، ويقول يعقوب الرسول: “من أين الحروب والخصومات بينكم، أليست من هنا، من لذاتكم المحاربة في أعضائكم؟ تشتهون ولستم تمتلكون. تقتلون وتحسدون.. تطلبون ولستم تأخذون،لأنكم تطلبون ردياً لكي تنفقوا في شهواتكم “(يع 4: 1-3)، فالطمع يدفع إلى الخصومات والحروب.

فنسأل هل معقول اوزع اموالي على الفقراء والمحتاجين وافقد كل اموالي وخاصة اذا كنت عائشا في العالم مسؤولا عن العائلة ،لايجوز ان تعطي كل مالك للفقراء.

ما معنى كلام يسوع اذا؟ ما يريده المسيح ألا يكون المال اية مكانة في قلبك، تستعمله  ولا تشتهيه ،تكون حرا منه بحيث تعطي بعضا منه او الكثير اذا احتاج اليه غيرك .لا تكن محبا للمال انما يكون المال وسيلة وليس غاية وان تكون على يقين ان ملكوت الله هو الاول في حياتك ،قال الرب يسوع بل اطلب ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم (لوقا 12: 31) .
لذلك اسع ان يكون لك كنزا فى السماء اولا ..كنزا من اعمالك الصالحة فيقول الكتاب المقدسلانة حيث يكون كنزكم هناك يكون قلبكم ايضا” لو33:12 .وحينئذ تقول للرب كما قال بطرس الرسول” ها نحن تركنا كل شي وتبعناك فتنال قول الرب ” الحق الحق اقول لكم انتم الذين تبعتموني متى جلس ابن الانسان على كرسي مجده تجلسون انتم ايضا على اثني عشر كرسيا” متى 28:19..
ولكن صدقوني الذي تبع الرب يكون معه وفي حضنه.وايضا يقول الرب ” من ترك بيتا او اخوة او اخوات او ابا او اما او امرأة او اولادا وحقولا لاجلي ولاجل الانجيل الا وياخذ مئة ضعف الان.

يقول القديس اكلمنضس الاسكندري في كتابه:” اي غني يخلص” الخلاص لا يرتبط بامور الخارجية ، الغني يخلص بالعطاء بالفضيلة بالايمان بالمحبة والاخوة والتواضع ،الخلاص يكون في ان يكتسب الغني روح المشاركة والاخوة مع الفقير فلا يحب لنفسه ما لا يحب للفقير، الغني لكي يخلص عليه ان يعطي المقدار الذي يجعله يحس بانه قضى على شهوة المال وان يتحرر منه داخليا بعد ان كان يستعبد في قلبه.جاء يسوع ليحرر القلوب .وهذه الحرية هي دخولنا ملكوت الله .

وهذا ما هو مطلوب من الانسان هو الحرية،الحرية من اجل طاعة وتنفيذ وصايا الرب ،اذ بوصايا الرب يحيا الانسان . الحرية هي ان تصنع ما يتمناه الله وما يأمر به وما يوصي به ، والشاب الغني لم تكن له مثل هذه الحرية .

يا احبائي :
فيجب ان نطلب الله وحده ونحبه لكي نرث ملكوته والحياة الابدية ما اكثر الذين يصرفون حياتهم في طلب الدنيا وحطامها .
ما اشد وقع الموت الانسان المتمسك باموال هذه الحياة الفانية عندما يجبر على تركها ، فالحزن يملا قلبه ويميته كما حزن الشاب .
يا احبائي : من شاء منكم ان يرث الملكوت يجب ان يضع رجاءه واتكاله في الله وحده لذلك فهو لايخاف من الموت نفسه ولا يضطرب مهما سيتعرض له
تعودوا منذ الآن وتدربوا انفسكم على الانفصال عن الدنيا بطيبة خاطر، لكي لا تستصعبوا وقع الموت الذي يجبرنا على ترك هذه الحياة الفانية ، ضعوا رجائكم والقوا على الرب همكم وثقوا به فلا يقترب منكم الشر .

يقول الكتاب المقدس ألق على الرب همك وهو يساعدك ولا يدع الصديق يتزعزع الى الابد.

اخيرا أحبوا الله محبة صادقة من اعماق قلوبكم
لا مثل ما احبه ذلك الشاب بالسؤال فقط
اعملوا لكي تحيوا وتحصلون على الخلاص غير مكترثين بما يعرضوا عليكم .

مع محبتي للجميع بالمسيح ربنا آمين
كل عام و الجميع بألف خير
سامر يوسف الياس مصلح
بيت ساحور - 26-08-2012

ليست هناك تعليقات: