أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 11 أغسطس 2012

الأحد العاشر بعد العنصرة






الأحد العاشر بعد العنصرة

الرسالة: 1كورنثوس 9:4-16
يا إخوة إنّ الله قد أَبرزَنا نحن الرسل آخري الناس كأننا مجعولون للموت، لأنّا قد صرنا مشهدا للعالم والملائكة والبشر. نحن جهّال من أجل المسيح، أما انتم فحكماء في المسيح. نحن ضعفاء وأنتم أقوياء. انتم مكرَّمون ونحن مُهانون. والى هذه الساعة نحن نجوع ونعطش ونعرى ونُلطَم ولا قرار لنا، ونتعب عاملين. نُشتَم فنبارِك، نُضطهَد فنحتمل، يُشنّع علينا فنتضرّع. قد صرنا كأقذار العالم وكأوساخ يستخبثها الجميع إلى الآن. ولستُ لأُخجلكم أَكتب هذا وإنما أَعظكم كأولادي الأحباء، لأنه ولو كان لكم ربوة من المرشدين في المسيح ليس لكم آباء كثيرون، لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل. فأَطلب إليكم أن تكونوا مقتدين بي.
الإنجيل: متى14:17-23
في ذلك الزمان دنا إلى يسوع إنسان فجثا له وقال: يا رب ارحم ابني فإنّه يُعذّب في رؤوس الأهلة ويتألّم شديدا لأنه يقع كثيرا في النار وكثيرا في الماء. وقد قدّمته لتلاميذك فلم يستطيعوا أن يشفوه. فأجاب يسوع وقال: أيها الجيل الغير المؤمن الأعوج، إلى متى أكون معكم؟ حتى متى أَحتملكم؟ هلم به إليّ إلى ههنا. وانتهره يسوع فخرج منه الشيطان وشُفي الغلام من تلك الساعة. حينئذ دنا التلاميذ إلى يسوع على انفراد وقالوا له: لماذا لم نستطع نحن أن نُخرجه؟ فقال لهم يسوع: لعدم إيمانكم. فإني الحق أقول لكم، لو كان لكم إيمان مثل حبة الخردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقلْ من ههنا إلى هناك فينتقل ولا يتعذّر عليكم شيء. وهذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم. وإذ كانوا يترددون في الجليل قال لهم يسوع: إن ابن البشر مزمع أن يُسلَّم إلى أيدي الناس فيقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم.
العيش بالإيمان
روي عن القديس مكاريوس المصري أنه فيما كان يحادث تلاميذه عن الإيمان، وحالما بدأ بالاستشهاد بكلمات الرب: ” فقال لهم يسوع: لعدم إيمانكم. فالحق أقول لكم: لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل: انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم” ( متى 17/20) ، بدأت هضاب قريبة منهم بالاهتزاز والتحرك. فاستدار القديس باتجاهها وقال لها اهدأي. أنا لم آمركِ أن تتحركي. فسكنت التلال.

بالطبع، لم يقصد يسوع بكلماته عن تحرك الجبال بفعل الإيمان المعنى الحرفي، كما أنه لم يقصد حرفياً قلع العيون بكلماته: ” وإن أعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك. خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تلقى في جهنم النار ولك عينان” (متى 18/9)، بل استخدم المسيح صوراً صارخة كهذه لكي يصوّر حقائق مهمة، مثل: وجوب تجنّب أسباب التجربة بقدر ما تسبب أذى للعين. هكذا أيضاً الجبال التي تتحرك بفعل الإيمان ليست جبالاً مادية بل أحمالاً عظيمة تثقّل على الناس.

لقد حوّل يسوع ببشارته عشارين وزواني إلى أناس جدد للملكوت السماوي. وحرر زكا من طيشه الدنيوي. ومريم المجدلية صارت حرة من ذنبها. والتلاميذ، مع ضعفهم وبساطتهم، صاروا شهوداً للمسيح لا يعرفون الخوف. أي إنسان تلمسه نعمة المسيح ولا يشعر وكأن ” جبال ” الخطيئة والآثام والمرض والخوف قد غادرت حياته؟ وعد المسيح للجميع كان : ” تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم” ( مت 11/28) ، وأيضاً : ” قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام. في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا: أنا قد غلبت العالم” ( يو16/33).

أما المثال الأبرز على قوة الإيمان فهو تحوّل بولس الرسول المميز. فالذي كان عدواً للمسيح لا يهدأ، صار الرسول الأعظم. لقد دفعته غيرته الشديدة على الإيمان اليهودي، قبل اهتدائه، إلى اضطهاد الكنيسة بدون رحمة وقام بكل ما بوسعه لكي يدمرها (غلا1/13). لقد كان مشاركاً أخلاقياً في قتل استفانوس ( أع7/58؛8/1). ونفذ “تهديداً وقتلاً” (أع9/1) ضد المسيحيين الأوائل، يلقي القبض عليهم ويرميهم في السجن.

لكن عندما التقاه المسيح على طريق دمشق، لم ينظر الله إلى رأسه الخاطئ بل إلى تقوى قلبه، جعله إنساناً جديداً. أية “جبال” أُزيحت عن مياه شاول بخبرة الإيمان هذه! يخبرنا كتاب الأعمال أن شيئاً مثل القشور قد نزل من عينيه (أع9/18)، ويرمز بذلك إلى مغادرة الشر لقلبه واقترابه لفهم سر المسيح (2كو3/14-18). الحقود المهتاج استُبدل برجل يشتعل حباً بالمسيح لدرجة أن لا أحد يستطيع فصله عنه (رو8/38-39). المضطهد السابق للكنيسة صار مبشرها الأعظم، إن قوة الإيمان هي وراء حياة بولس ا لجديدة، وقد اختصر بشارته المدهشة بهذه الكلمات: ” مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيّ. فما أحياه الآن في الجسد، فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله، الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي” (غلا 2/20)
القديس سمعان اللاهوتي الحديث، أحد آباء الكنيسة، يقدم، في مقالته “في الإيمان”، خبرة إيمانه الشخصية، مستخدماً صيغة الشخص الثالث (هو) تواضعاً. يتكلم القدس سمعان عن حياته عندما كان شاباً في القسطنطينية وعن توقه العميق لله. بصحبة أب روحي، اختار أن يعيش بثلاثة مبادئ أخذها من كتاب أعطي له:
1-      انتبه دوماً إلى صوت الضمير ولا تعنفه أبداً.
2-      طبّق وصفات المسيح متوقعاً سكنى الروح القدس في ضميرك.
3-      اطلب النور الروحي متشوقاً كما طلب أعمى برتيماوس النور الحسي من المسيح.

حالما بدأ الشاب سمعان بتطبيق هذه المبادئ اشتعل بمحبة المسيح والشوق إليه. فصار يعمل في النهار ويصلي في الليل كما وجّهه ضميره. فوجد نفسه يصلي لساعات طويلة، بغيرة شديدة ودموع، كما لو أن الرب كان حاضراً بالجسد معه، يسقط عند قدميه، وكالأعمى يطلب رحمته. في إحدى الأمسيات، حالما وقف ليصلي ويردد: ” يا الله، ارحمني أنا الخاطئ” ( لو18/13) ، إليك ما حصل بكلماته هو:

” ظهر فجأة سيل من الشعاع الإلهي من فوق وملأ كل الغرفة. .  لم يرَ الشاب الأنوار حوله من كل الجهات.. كان كلياً في حضور النور الغير المادي وبدا وكأنه هو نفسه قد تحول إلى نور، ناسياً كل العالم. امتلأ بالدموع وبفرح وغبطة لا يوصفان… عندما انتهت الرؤيا وعاد الشاب إلى ذاته، ظل مملوءاً بالفرح والدهشة. بكى من كل قلبه.

يقص القديس سمعان خبرته الروحية الأولى لنور المسيح القيامي (التأله) لكي يُري قوة الإيمان الحي وتأثيراته الداخلية. ويعلق قائلاً إنه لا ضوضاء المدينة ولا تجارب الشباب كانت عوائق، بواسطة عطية الله المدهشة، اختبر الشاب وهو على الأرض نور السموات، الذي سوف يعاينه كل المؤمنين في الأبدية. ولم يُمنح هو هذه العطية بسبب جهاده النسكي العظيم، كالصوم القاسي والسهر الطويل، بل بسبب إيمانه المخلص فقط المصحوب بأعمال صالحة واستدعاء الله في صلاة مستمرة.
اقرأ مت 17/14-23، القراءة الإنجيلية المخصصة للأحد العاشر من متى
1-      كيف تصف أفكار ومشاعر والدا المشلول. استفد من وصف النص الإنجيلي لأفعاله   
          وكلماته.
2-      ماذا نتعلم من الآية 17؟
3-      اكتب كلمات يسوع لتلاميذه حو تحريك الجبال بالإيمان (آية 20)
4-      كيف تفسر كلمة الرب ” تستطيعون كل شيء ” على ضوء بشارة يسوع؟
5-      ما ” الجبل” الذي تريد تحريكه من داخله، ولماذا؟
6-      كيف تقوي إيمانك اليوم؟
7-      ماذا تتعلم من مثال القديس بولس الرسول والقديس سمعان وآخرين، لكي تنمو في  
          الإيمان؟
8-      ماذا ستفعل هذا الأسبوع لكي تقوي إيمانك؟

تمد الصلاة الإيمان بالطاقة. الله هو مولد الطاقة، بالصلاة نضع أنفسنا بتصرف الله شخصياً وحالاً. إنه قادر على العمل مباشرة فينا ومعنا ومن خلالنا. تساعدنا الصلاة لنختبر فعل حضور الله الشخص الأول فينا، اللمسات الأولى لمحبته تعالى، الأفراح الأولى للحياة الجديدة في المسيح، دفئنا ومحبتنا لله تصيران أوضح وأقوى. يصبح إيماننا إيماناً حياً. الإمكانيات هائلة طالما نحن مطيعين بروح الصلاة ومنفتحين بشوق على آنية روح الله. يعطينا الله إيماناً حياً ، ينقل الجبال، إيماناً عجائبياً.

مع محبتي للجميع بالمسيح ربنا آمين
كل عام و الجميع بألف خير
سامر يوسف الياس مصلح
بيت ساحور - 12-08-2012

ليست هناك تعليقات: