أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 19 ديسمبر 2013

القديس نيقولاوس العجائبي


القديس نيقولاوس العجائبي

ولد القديس نقولاوس في أواخر القرن الثالث للمسيح من أسرة شريفة كثيرة الغنى والتقوى و الفضيلة، كان في حداثته مثال التلميذ الكامل يلازم الرفاق الصالحين ويبتعد عن الأشرار،ولا يضيع وقته في اللهو بل يكثر من حفظ العلوم ، مات والداه و خلفا له ثروة طائلة فأخذ يبحث عن الفقراء و المعوزين و يعطيهم دون أن يشعروا من أين يأتيهم الإحسان ، كان يذهب إليهم ليلاً و هو متخف و يسقط لهم النقود من النوافذ بدون أن يعلموا من أسقطها ، ومن أعماله المشهورة إنقاذه لثلاث فتيات من السقوط بالرذيلة التي فكر فيها و الذهن ليوقعهن بها نتيجة لفقره و يأسه و ذلك بالمتاجرة بأعراضهن .


فلما سمع نقولاوس بهذا ذهب ليلاً و رمى له من النافذة مبلغاً من المال و توارى عن الأنظار فلما أصبح الرجل و جد المال فدهش وعد ذلك عملاً إلهيا يؤنبه على ما كان ينوي عمله فندم و زوج ابنته الكبرى بذلك المال بشاب شريف النسب فعلم بذلك نقولاوس و فرح و أعاد الكرة مرة ثانية فزوج الأب إبنته الثانية و لما أعاد الكرة الثالثة ، كان الوالد قد كمن له فوثب عليه و أمسكه فعرفه فرجا منه نقولاوس أن لايعلم أحداً عن ذلك لكن الرجل قام بعكس ذلك وأخذ يذيع إحساناته التي عملها فطار صيته بين الناس في تلك البلاد .


و لما مات أسقف ميرا تضرع الأساقفة و الإكليروس و الشعب إلى الله بحرارة أن يلهمهم من يختاره لذلك المقام الخطير ، فأوحي إليهم أن أول رجل يدخل الكنيسة و يدعى نقولاوس هو الذي اختاره الروح القدس ليكون راعيا ً لتلك الكنيسة . و في الغد دخل نقولاوس كعادته باكراً إلى الكنيسة فكان أول الداخلين فعرفوا أنه هو ذلك العبد المختار من الله فمنحوه الدرجات الكهنوتية و رسموه أسقفاً على مدينة ميرا .


قبض عليه أيام الاضطهاد للمسيحيين في عهد الأمبراطور ذيوكلسيانوس و زج به في السجن و نال الكثير من العذاب و التحقير و بقي في السجن إلي أن تبوأ عرش القياصرة قسطنطين الكبير فأمر بإطلاق سراح جميع المسيحيين في السجون فخرج معهم ، و عاد إلى حياة الجهاد في الكنيسة و قد حضر اجتماعات المجمع المسكونى الأول الذي عقد في نيقية سنة" 325" م ضد بدعة آريوس الذي انكر ألوهية المسيح .


لقب القديس نقولاوس بصانع العجائب لما أجرى الله على يده من المعجزات فقد كان كثير العجائب في حياته و كثير العجائب بعد وفاته ، ومن احدى عجائبه أن قبض الملك قسطنطين مرةً على ثلاثة من القضاة بتهمة و حكم عليهم بالإعدام ، و كانوا أبرياء ، فصلى أحدهم و تضرع إلي الله أن ينقذه هو و رفاقه المظلومين بشفاعة القديس نقولاوس فلم يتم صلاته حتى رأى الملك قسطنطين في الحلم شيخاً داخلاً عليه و قال له :


" انهض أيها الملك واطلق سراح القضاة الثلاثة الذين حكمت عليهم بالإعدام لأنهم أبريأ و قد وشي بهم إليك ظلما ً".


دهش الملك و قال للشيخ :" من أنت حتى تكلمنى هكذا ؟" فقال :" أنا نقولاوس أسقف ميرا ".


فقام الملك لساعته و دعا رئيس الشرطة و قص عليه ما رآه في الحلم فقال له رئيس الشرطة و أنا أيضاً رأيت نفس الحلم في منامي فأرسل الملك و أتي بالمحكومين و سألهم كيف أرسلوا الأسقف نقولاوس ، ليشفع فيهم ؟ فصاح أحدهم و قال يا مولاى هو الله الذي استجاب لطلبي و أرسل الأسقف نقولاوس يدعوكم إلى إعادة النظر في دعوانا و قص عليه ما حدث ،فأمر الملك أن تعاد محاكمتهم فأعيدت و ثبتت براءتهم فشكروا الله على خلاصهم من الموت بشفاعة القديس نقولاوس .


و أراد الملك قسطنطين أن يظهر للقديس نقولاوس سامي تقديره لكونه خلص أبرياء من الموت فبعث إليه بكأس و صينية من الذهب الخالص المحلى بالحجارة الكريمة تقدمة منه إلى كنيسة ميرا ليستعملها نقولاوس في إقامة الذبيحة الإلهية ، و من عجائبة انه قد هدأ البحر و سكن أمواجه ، و أقام من الموت نوتيا كان قد سقط من أعلى السارى و مات ، و قد أضحى شفيع البحارة و صيادي الأسماك و المسافرين بحراً و براً ، و اتخذه المظلومون في المحاكم شفيعاً لهم أيضاً .


يعد القديس نقولاوس من أكثر القديسين شعبية و هو صديق الأطفال و شفيعهم و يتذكرونه في أعياد الميلاد " سانتا كلوز " حيث يتبادل الجميع هدايا العيد.


تحتفل كنيستنا الأرثوذكسية بتذكاره في اليوم السادس من شهر كانون أول شرقي (19 كانون أول غربي ) من كل عام .

مع محبتي للجميع بالمسيح ربنا آمين
كل عام و الجميع بألف خير
سامر يوسف الياس مصلح
بيت ساحور 19-12-2013

ليست هناك تعليقات: