أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 6 أكتوبر 2012

الأحد الثاني بعد الصليب


 الأحد الثاني بعد الصليب.


طروبارية القيامة على اللحن الأول
إن الحجر لما خُتم من اليهود، وجسدك الطاهر حُفظ من الجند، قمت في اليوم الثالث أيها المخلص، مانحاً العالم الحياة، لأجل  ذلك قوات السماوات هتفوا إليك يا واهب الحياة المجد لقيامتك أيها المسيح، المجد لملكك، المجد لتدبيرك يا محب البشر وحدك.

طروبارية القديسة تقلا على اللحن الرابع
إنّ نعجتك يا يسوع تصرخ إليك بصوت عظيم قائلة: إليك أصبو يا عروسي وإياك أطلب بجهادي وأُصلب وأُدفن معك بمعموديتك وأكابد الألام من أجلك لكي أملك معك وأموت فيك لكي أحيا بك، فتقبل التي ضُحيَّت لك عن ارتياحٍ كذبيحة لا عيب فيها، وبشفاعاتها خلَّص يا رحيم نفوسنا.

القنداق
يا شفيعة المسيحيين الغير الخائبة الواسطة لدى الخالق الغير المردودة لا تعرضي عن أصوات طلباتنا نحن الخطأة بل بادري إلى إغاثتنا نحن  الصارخين إليك بإيمان بادري إلى الشفاعة واسرعي في الطلبة يا والدة الإله المتشفعة دائماً بمكرميكِ.

الإنجيـل
فصل شريف من  بشارة القديس لوقا الإنجيلِّي البشير التلميذ الطاهر (1:5-11)
في ذلك  الزمان فيما يسوع واقفٌ عند بحيرة جنيسارت رأى سفينتين واقفتين عند شاطيء البحيرة وقد انحدر منهما الصيّادون يغسلون الشبك * فدخل إحدى السفينتين وكانت لسمعان وسألهُ أن يتباعد عن البرِّ وجلس يعلم الجموع من السفينية* ولمَّا فرغ من الكلام قال لسمعان تقدَّم إلى العمق وألقوا شباككم لللصيد * فأجاب سمعان وقال لهُ يا مُعلم إنا قد تعبنا الليل كُلهُ ولم نُصبْ شيئاً ولكن بكلمتك أُلقي الشبكة * فلمَّا فعلوا ذلك إحتازوا من السمك شيئاً كثيراً حتى تخَّرّقت شبكتهم * فأشاروا إلى شركائهم في السفينة الأخرى أن يأتوا ويعاونوهم فأتوا وملأوا السفينتين حتى كادتا تغرقان * فلمَّا رأى سمعان بطرس خرَّ عند ركبتّي يسوع قائلاً أخرج عني يا ربُّ فإني رجل خاطيء * لأن الإنذهال إعتراه هو وكُّل من معه لصيد السمك الذي أصابوه * وكذلك يعقوب ويوحنا إبنا زبدى اللذان كانا رفيقين لسمعان فقال يسوع لسمعان لا تخف فإنك من الآن تكون صائداً للناس * فلمَّا بلغوا بالسفينتين إلى البر تركوا كل شيء وتبعوه.

يليق أن نعجب بالطريقة الماهرة التي استخدمت لصيد أولئك الذي سيصيرون صيادين لكل الأرض وأعني بهم الرسل القديسين الذين رغم أنهم كانوا ماهرين في صيد السمك إلا أنهم أمسكوا في شبكة المسيح لكي يستطيعوا هم ايضاً بإلقاء شبكة الكرازة الرسولية أن يجمعوا لهم سكان العالم كله. لأنه حقاً قال في موضع آخر بواسطة أحد الأنبياء القديسين "هائنذا أرسل صيادين كثيرين  يقول الرب فيصطادونهم ثم بعد ذلك ارسل كثيرين من القانصين فيقتنصونهم" (لو 16:16) وهو يعني الصيادين الرسل القديسين أما القانصين  فيقصد  بهم أولئك الذين تبعوهم كمديرين ومعلمين للكنائس المقدسة. وأرجوا أن تلاحظوا أن الرب لم يكرز فقط بل يجري آيات أيضاً، معطياً بذلك أدلة على قوته ومثبتاً كلامه يعمل المعجزات لأنه بعد أن تحدث مع الجموع رجع إلى أعمااله العادية المقتدرة، وعن طريق تعامله مع التلاميذ  الصيادين فإنه يمسك بهم كأسماك .لكي يعلم الناس أن مشيئته قادرة على كل شيء وأن الخليقة تُطيع أوامره الإلهية.

في زمن الصليب هذا, نتأمل مع الكنيسة بنصّين من الكتاب المقدّس, أولهما من رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس, يشدّد فيها على أنّ الرجاء بالمسيح يجب أن يتخطى هذه الحياة إلى الحياة الأخرى, وذلك ميّزة المسيحي الذي لا يعرف حتما معنى الشقاء في علاقته بالرّب. أما القدّيس متى فيوضح كلام الرّب في وصفه المجيء الثاني, مشدّدا على أن لا يضل المؤمنون, إذ ليس من مخلص سوى المسيح الفادي المرفوع على الصليب.

يتمحور الخطاب الأخير في الإنجيل, بحسب القدّيس متى, حول نهاية الأزمنة. نتساءل لماذا تضعنا الكنيسة كلّ سنة أمام هذه النصوص؟ وما جدوى ذلك, في حين نؤمن جميعنا بأنّ المهم هو ما نحياه الآن؟ صحيح أننا نسعى إلى عيش السلام والهناء والفرح في حياتنا اليومية وزمننا الحاضر, لكننا نؤمن كمسيحيّن, أنّ تاريخنا غير محدود بالزمن الحاضر, بل يتعدّى الزمان والمكان. فالزمن الأخير, كما في زمن البدايات, هو زمن الله وليس زمن البشر.
يضعنا الإنجيل في هذا الإطار, من خلال صورة الهيكل. كان في تهديد يسوع للهيكل الجديد كفرٌ في نظر السامعين. وقد اتهموه بذلك أمام المجمع, وعلى الصليب, وهزئ به الناس بسبب ذلك. ففي نظر اليهود, كان إعلان تهديم الهيكل يعتبر مسّا بالإيمان, وبتحقيق وعد داود, وبكل أناشيد الفرح المتعلقة بالحجّ إلى الهيكل.

عند ولادة يسوع, قدّمه أبواه إلى الهيكل. وقد دافع الرّب عن قداسة هذا الهيكل ضدّ روح التجارة, وعلـّم فيه بشكل دائم. لكنه أشفق على من اكتفوا بالحجارة ولم يفهموا حضور الله. وها هو الآن, يعلن أنه لن يبقى من هذه الحجارة شيء. هكذا نفهم اضطراب التلاميذ, لدرجة أنهم ربطوا تدمير الهيكل بآخر الزمن. استدرك التلاميذ أنّ دمار الهيكل هو دمارا لأورشليم, وهو بالتالي دينونة لهذا الجيل. فما هذا إذن سوى إعلان للدينونة الأخيرة ومجيء ابن الإنسان.

أمام الكوارث الطبيعية والحروب, يجد الإنسان نفسه في اضطراب وقلق, وكأنه أمام نهاية الأزمنة. لكن متى يؤكد أنّ يسوع حذر من ذلك: "إحذروا كلّ من يضلـّكم". إحذروا من يأتيكم مدّعيا أنه المسيح, فيتكلـّم باسم يسوع. فالحروب والكوارث حدثت دائما, وستحدث دوما, والحالات المؤلمة التي لم تغب يوما عن البشرية, لا يمكن أن نتخذ منها برهانا للتأكيد أنّ النهاية وشيكة.

تشكـّل هذه الأحداث محنة وامتحان لثبات المؤمنين في إيمانهم, بانتظار النهاية التي لا يعرف مكانها وزمانها أحدٌ إلا الآب. نهاية الأزمنة آتية لا محالة, ولكنها متعلقة بإرادة الآب وحده. وحتى ذلك الوقت تأكيد واحد: "أنا معكم إلى نهاية الدّهر", ومسؤولية واحدة: "بشـّروا كلّ الأمم".

يا ربّ, أعطِ كنيستك أن تـُدافع عن الوضعاء والمنسحقين, فتسير في الطريق التي تبعتـَها أنت. أذكر الداخلين في معترك السياسة, فيُجسّد عملهم إنجيل المسيح الذي هو بذار عدالة. أذكر الذين يخافون من الحياة فيلجأون إلى الكحول أو المخدّرات. ليرفعوا هم أيضا رأسهم ويعرفوا أنّ يوم خلاصهم قريب. واذكرنا نحن اليوم بقولك: "إسهروا وصلـّوا في كلّ حين". هكذا تكون صلاتنا صرخة كلّ المظلومين الذين ينتظرون مجيئك أيها المخلص والرّب.

مع محبتي للجميع بالمسيح ربنا آمين
كل عام و الجميع بألف خير
سامر يوسف الياس مصلح
بيت ساحور - 07-10-2012

ليست هناك تعليقات: