أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 6 أبريل 2012

سبت إقامة الرب يسوع لأليعازر

سبت إقامة الرب يسوع لأليعازر - يو 11:1-45


أيها الأحبة :
سمعتم اليوم مرتا وهي تصرخ بألم لموت أخيها أليعازر ,
وتعاتب الرب يسوع قائلة ً: لو كنت هنا لمامات أخي ؟! ( أين كنت قد طلبناك منذً أربعة ايام ؟ حبيبك أليعازر قد مات ! لماذا تأخرت ؟! اتيت الآن بعد أربعة أيام!! تأخرت يامعلم ! إنتهى كل شيئ ،
مات اليعازر .




شعرت مرتا ومريم أن الرب تخلى عنهما عندما واجهتا موت أخيهما الوحيد.
لأن الرب لم يفعل كما أرادوه ولم يتقيد بتوقيتهم ،
لم يأتي فوراً ، جاء بعد أربعة أيام .
لم تعلم مرتا ومريم ، ونحن أيضاً ،
أن الله لايحمل ساعة في يده ولا عنده ساعة حائط.
مواعيد الله تختلف عن مواعيدنا .


علينا أن نطلب من الله ما يوافق مشيئته ونؤمن أنه سيستجيب في الوقت الذي يراه هو ، والزمن الذي يحدده هو . وأنت فعليك أن تثق به وتتابع حياتك على هذا الرجاء ، حتى ولو أنتنت جراحك ، مشاكلك ، مرضك ، فقركَ . ثق أن الرب آتٍ لامحال ، ولو وأنت في ساعتك الأخيرة .

أين كنت يارب!!!
معظمنا مر بهذه التجربة الُمرة , وهذا الشعور نردده في صلواتنا والعديد من المزامير:
( إلى متى يا رب تنساني , أإلى الإنقضاء! إلى متى تصرف وجهك عني ؟! )

وهنا نقول :
ألا يحق لمرتا أن تبكي ؟ وتحزن , وهي ترى أخاها يوارى القبر , ولن تراه بعد اليوم , لن تجلس بقربه , ولن تلمسه , تسمع صوته بعد اليوم ؟!
ونتيجة لهذا الشعور , يتألم الإنسان ويحزن ويبكي .


وهنا يطرح السؤال :
هل يحق للمسيحي أن يحزن على موت عزيز له؟ أب أو أُم أو أخ ٍ وأُخت ٍ أو عزيز لديه؟ هل الدموع حرام ؟

طبعا ً كلا , فالرب على جبل الزيتون قال : { نفسي حزينة حتى الموت }

فإذا كان الرب شعر بالحزن أمام رهبة الموت ! أفلا يحق لنا نحن أن نحزن كذلك!؟ فإذا كان الرب نفسه تمنى لو أمكن أن لايشرب كأس الموت إذ قال : { ياأبتي لوشئت أن تبعد عني هذه الكأس }
أفلا يحق لنا أن نحب الحياة ونكره الموت ؟ .

السؤال إذا ً : لماذا يخاف الإنسان الموت ؟
الجواب : لأن الله خلق الإنسان للحياة وليس للموت , والإنسان عرف الله وهو حيّ , سمعه , رآه , قرأ عنه , والحياة هي خلاصة حب الخالق للمخلوق , وفيها يتواصلان , والموت يقطع هذه العلاقة مع الله , والله هو نورٌ والموت ظلام , والظلام لايألف النور أبداً . والإنسان مخلوق ليعيش في النور مع الله ،حتى أن النوم في لاهوتنا هو صورة عن الموت , والظلمة هي رمز للخطيئة ولذا نصلي قبل النوم تحسباً من أن تكون هذه هي ليلتنا الأخيرة .

فمن البديهي أن يرفض الإنسان فكرة الموت ويرتعد منها .
الموت هو المكان الذي نخسر فيه معاشرة الله .
الموت رهيب .

للموت رهبة أكبر من الخوف منه . خوف من أنه يوقع الإنسان في تجربة الشعور بالتخلي عنه من قِبل الله , بأن الله تركنا وتخلى عنا ولا يسمعنا , ولا يأتي لنجدتنا , كما شعرت مرتا ومريم. شعر الرب يسوع بكل هذه التجارب تهاجمه .وسمعناه على الصليب يقول :{إلهي إلهي , لماذا تركتني }.

ليست هي فقط لتذكيرنا بالمزمور 22 ، بل هي المعاناة التي قبلها الرب واحتملها نتيجة لحبة وخلاصه الذي صنعه من أجلنا احتمل كل هذا لأنه واثقٌ بالنهايات .

أيها الإخوة: هذا هو سر الصليب والفداء الذي صنعه الله لشعبه, كان لابد لنا أن نرى هذا في يسوع المصلوب كي نرى فيه هذا التصميم والإصرار على طاعة الله الآب السماوي ، وترجمة للحب الأزليّ الذي خصنا به إلى الأبد ، والذي ترجمته المشيئة الإلهية خلقاً لنا ولهذا الكون البديع .
الرب ملتزم بما تجسد من أجله , بأن يقدم نفسه ذبيحة كفارية عن جميع البشر, ومع أنه جُرب َ ومر بالعزلة ، متروكاً ، تُخلي عنه . إلا أنه كان في قرارة نفسه يؤمن ويعلم أن الله الآب لن يتركه وحده حتى النهاية , حتى ولو شعر أنه متروك .



هذا ما أكده بالقيامة من بين الأموات, أن الله لا يخذل من يلقي رجائه عليه أبدا. هذا ما عبر عنه الرب يسوع على الصليب بعد كل التجارب إذ قال بصوت الخاشع الواثق: {يا أبتي في يديك أُدع روحي , وأسلم الروح }


لأنه واثق أن الآب{ لن يترك نفسه في الجحيم ولن يدع قدوسه يرى فسادا ً}

قال الرب لمريم : إن أخوكِ سيقوم , قالت, نعم أنا أعلم أنه سيقوم في الحياة الأبدية , أجابها يسوع ( هذا صحيح , ولكن لايكفي هذا لتكوني مؤمنة ، بل يجب أن تؤمني أني أنا هو القيامة والحياة).

يا إخوة :
هذا يعني أننا سنقوم , إذا كنا نؤمن أن يسوع هو سبيلنا إلى القيامة , فلا نصيب لنا في القيامة , إن لم نعِشْ كما علمنا يسوع ، وأوصانا يسوع , { من يأكل جسدي ويشرب دمي له الحياة الأبدية ، وإن مات فأنا أُقيمه في اليوم الأخير}
قال هذا ليعلن لنا أنه هو سيد الحياة والموت ، وبيده كل شيئ . وأقام أليعازر برهانا ً على ذلك , حتى إذا شاهدناه على الصليب , نؤمن اننا سنراه في اليوم الثالث قائما ً من بين الأموات كما سبق وقال لنا ثلاث مرآت قبل آلآمه . وإذا احتفلنا بقيامة اليعازر , فلأنها الوعد بقيامتنا نحن أيضا ً, إن آمنّا أن يسوع هو الطريق والحق والحياة, ومن يؤمن به له الحياة الأبدية .


مع محبتي للجميع بالمسيح ربنا آمين
كل عام و الجميع بألف خير
سامر يوسف الياس مصلح
بيت ساحور - 07/04/2012

ليست هناك تعليقات: