أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 13 يناير 2011

Happy New Year 2011



ختان الرّبّ يسوع المسيح بالجسد

1 كانون الثاني

لقد شاء ربّنا يسوع المسيح بحلول اليوم الثامن من مولده أن يقبل الختان. لقد قبل الرّبُّ الختان لكي يتمّم ( يكمّل ) الناموس من جهةٍ فقد قال الرّب نفسه: " لا تظنّوا أنّي جئت لأنقض الناموس والأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمّل." ( متّى : 5 : 17 )، إذ أنّه قد أطاع السيّد الناموس لكي يحرّر أولئك الّذين يعيشون تحت عبودية الناموس كما يقول الرّسول بولس: " لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، 5لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ." ( الرسالة إلى أهل غلاطية: 4 : 4 – 5 ).
ومن جهة أخرى فقد قبل الرّبُّ الختان لكي يُُظهر لنا أنّه قد قبل جسداً إنسانياً حقيقيّاً ولكي يُغلق أفواه الهراطقة المتفوّهة بأنَّ المسيح لم يقبل لنفسه بجسدٍ بشريً حقيقي لكنّه وُلِدَ بجسدٍ وهمي شبحي ( روحي ) ذي هيئةٍ بشريةٍ فقط وهكذا فقد خُتن المسيح لكي يُظهِرَ لنا طبيعته البشريّة وإن لم يكن السيّد قد تحلّى بجسدنا البشري كيف يمكن إذاً في حالةٍ كهذه أن يُختن روحٌ وليس جسدٌ ؟
يقول القدّيس أفرام السرياني:" إذا لم يكن المسيح ( الإله ) جسداً إذاً من كان الشخص الّذي ختنه يوسُف في هذه الحالة؟" وبما أنّه كان بالحقيقة متجّسداً فإنّه قد خُتن كإنسانٍ وتلّطّخ الطفل الإلهي بدمه الكريم بما أنّه ابن الإنسانِ وتألّم وبكى من الألم كما يليق بالطبيعة البشرية الّتي يتمتّع بها الطفل الإلهي." إضافةً إلى ذلك قبل السيّد ختاناً جسديّاً حتّى يُهيّئ لنا بذلك الختان الروحي ولكي يختم بذلك الشريعة العتيقة المتعلّقة بالجسد ويضع بدايةً جديدةً روحيّةً وكما كان إنسان العهد العتيق الجسدي يختن لحم غرلته الحسيّ كذلك يتوجّب على الإنسان الروحي أن يختن أهوائه الروحية وهي: الغضب و الهيجان والكبرياء والحقد والرغبات النجسة والميول الخاطئة والخطايا الأخرى.





لقد خُتن السيّد في اليوم الثامن لكي يظهر لنا دمه الكريم المحيي قبل أوان صلبه وذلك في اليوم الّذي يسمّيه أغلب معلّمو الكنيسة اليوم أو الدهر الثامن ويقول القدّيس غريغوريوس النّيسي:" إنّ الختان بالشريعة كان يجب أن يتمّ في اليوم الثامن ؟لأنَّ العدد ثمانية يشير إلى الدهر الثامن الآتي"

ومن الجدير أن نعرف بأنَّه قد أُقيم الختان في العهد القديم كرمزٍ للمعموديّة وللتطهير من خطيئة الأجداد. وبالرغم من أنَّه لم تكن الخطيئة قد مُسِحَت بشكلٍ كامل في الختان الشيء الّذي لم يكن من الممكن أن يحدث حتّى ذلك الحين أي حينما أهرق المسيح دمه الكريم الكليّ الطهارة طوعاً وبإرادته وعن طريق آلامه من أجلنا.
كان الختان كذلك رمزاً للتطهير وإنّما ليس هو التطهير الحقيقيّ الّذي نفّذه ربّنا آخذاً الخطيئة من وسطنا وصالباً إيّاها على الصليب ومقيماً بدلَ ختان العهد القديم واحداً آخر أي المعموديّة بالماء والروح. كان الختان في تلك الأزمنة كما قيل سابقاً بسبب خطيئة الأجداد وليكون علامةً على أنَّ الطفل المختون قد حُبِلَ به في الخطيئة كما يقول داود أنَّ أمَّه قد ولدته بالخطيئة ( المزمور: 50 : 7 )، ولهذا السبب كان الجرح يبقى على جسد الطفل كان ربّنا يسوع المسيح بلا خطيئة لأنّه شابهنا في كلِّ شيءٍ لكنّه لم يحتوي في نفسه الخطيئة وكما أنَّ الحيَّة النحاسيّة المصنوعة من قبل موسى في الصحراء كانت تشبه بقية الحيّات في شكلها لكنّها ما حوت على سمّها ( سفر العدد: 21 : 9 ) كذلك فالمسيح كان إنساناً حقيقيّاً لكنّه لم تكن له شركةٌ في الخطيئة البشريّة وقد وُلِدَ بطريقةٍ عجيبةٍ من أمٍّ طاهرةٍ لا تعرف رجلاً.
إنَّه بصفته خالٍ من الخطيئة والواضع السابق للناموس لم يكن بحاجةٍ ليحتمل ختاناً شرعياً مؤلماً كهذا، لكن بما أنّه جاء ليحمل على نفسه خطيئة العالم كلّه ولأنّه كما يقول الرّسول بولس:" 21لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ."( 2 كورنثوس : 5 : 21 )، ولذلك كونه بلا خطيئة يحتمل الختان كخاطئٌ وفي ختانه أظهر سيّدنا تواضعاً أكثر ممّا في مولده ولأنّه عند مولده قبل السيّد على نفسه صورة إنسانٍ حسب قول الرّسول بولس:" 7لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ." ( فيلبي: 2: 7 )، كذلك عند ختانه قبل السيّد صورةَ خاطئٍ واضعاً نفسه تحت آلامٍ مخصّصةٍ لخطيئة لم يكن بمرتكبها ولذلك فهو قد تألّم بغير استحقاقٍ مردّداً مع داود:
" الشيء الّذي لم أسلبه هذا ما يتوجّب عليَّ أن أعطيه." ( المزمور : 68: 5 ) أي إنّني أقبل ختاناً مؤلماً عن الخطيئة الّتي لم اشترك فيها. وبالختان الّذي قبله ابتدأ الرّبّ يتذوّق من الكأس الّتي كان عليه أن يشربها بكاملها عندما يُعلّق على الصليب ويقول:" قد أكمل! " ( يوحنّا: 19: 30 ) ويتألّم من أجلنا.




إنّه قد أهرق الآن قطرات من الدم المنهمر من لحم غرلته وأمّا فيما بعد سينهمر الدم من كلّ جسمه . إنّه يبدأ يشارك المتألّمين الآن في حداثته لكي يصبح رجلاً كاملاً ولكي يكون قادراً على أن يحتمل آلاماً أكثر شدّةً إذ إنّه ينبغي للإنسان أن يعتاد على جهاد الآلام منذ حداثته كذلك فالحياة الإنسانية ملآنة بالعذاب مثل اليوم الّذي يرمز صباحه إلى الولادة وكذلك مساؤه إلى النهاية أي الموت وهكذا فإنَّ المسيح الإله المتأنِّس بحلول الصباح وهو في المذود خرج إلى عمله وإلى عذابه إنّه سيكون في عذابه منذ حداثته وفي عمله حتّى المساء ( المزمور: 104: 23 )
ذلك المساء حينما ستغيب الشمس وسيحوم الظلام على كلِّ الأرض وسيقول لليهود:"أبي يعمل حتَّى الآن وأنا أعمل."( يوحنّا: 5: 17 ). وما الشيء الّذي أعدّه لنا الرّبُّ ؟ إنّه خلاصنا: ذلك الخلاص الّذي هو فاعله في وسط الأرض ( المزمور: 74: 12 ) ولكي يؤدي هذا العمل بكمالٍ تامٍّ ابتدأ يؤديه منذ الصباح أي منذ حداثته بدأ يحتمل العذاب الجسدي ومعه وبدلاً منه ابتدأ العذاب الروحي لنا كأبناء له إلى أن يتجسّد هو نفسه فينا أي المسيح ( غلاطية: 4: 19 ) بدأ الرّبّ في الصباح يزرع دمه الكريم لكي يحصد في المساء الثمر الرائع أي خلاصنا نحن. آمين.

ليست هناك تعليقات: