أرشيف المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 ديسمبر 2014

أحد الآباء الأجداد القدّيسين

أحد أجداد ربّنا يسوع المسيح!.


لماذا رتّبت الكنيسة وضع هذا الإنجيل كتقدمة للميلاد والأهمّ لتثبيت هويّة أجداد الرّبّ يسوع المسيح؟!.

من هم أجداد الرّبّ يسوع المسيح؟ أكانوا كلّهم من القدّيسين الأبرار؟ الّذين انتظروا ربّهم آتيهم ليخلّصهم من خطايا عرفوها في أجسادهم، في نواياهم، وفي حياتهم اليوميّة؟ أهم الأنبياء الّذين قُتلوا ما بين الهيكل والمذبح؟! الّذين بدأوا طريق الشهادة بالدّم؟!... أم هم خليط البشريّة السّاقطة الّتي التزمها الإله الكلمة المتجسّد في كيانه، حاملاً عارها وقابلاً آلامها ليخلّصها من موت نفسها المحتّم، لأنّها أنكرته منذ البدء!!. من أوانها الأوّل البكر؟!.

وحدّثنا يسوع مجيبًا تسآلنا أيضًا وأيضًا بالأمثال!!. لماذا؟ لأنّ لهم آذانًا ولا يسمعون ولهم عيون ولا يبصرون.

هذا الشعب المختار الّذي أتاه الرّبّ لأنّه كان يعرف الإله الواحد المثلث الأقانيم، بدون وعي منه للحضرة القدّوسة في سلالة دمه!... كلّم الإله شعبه بالأمثال في تجسّده لأنّهم لم يقبلوه!.

الحقيقة الحق لا تقال إلاّ للمختارين الّذين هم من روح المتكلّم!.

واليهود لم يكونوا "متهوّدين" بالحقّ، الّذي عرفوه وٱنتظروه كلّ أيام حياتهم. لماذا؟! لأنّهم خلقوا إلهًا غير الإله الآتي إليهم!! غير الإله الّذي دفعه لهم الآب من وفي ذاته!! كانوا ينتظرون إلهًا قويًا، عنيفًا، قهّارًا، مؤدِّبًا لا يرحم ولا يسامح ولا يُحبّ!. إلهّا لابسًا حلّة الكهنوت الملوكيّة المطرّزة باللآلئ والذهب، تاركًا الفقراء ينهشون لحومهم وأجساد بعضهم البعض إذ لا مأكل لهم، لتبقى أبواب كهّان الهيكل مقفلة بوجوههم، لأنّ ثيابهم المرقّطة بالذهب أثمن من روح وحياة الإنسان أخيهم الّتي يتساوى فيها معهم، لأنّه إذا وعى تلك الحقيقة تنتفي كلّ غربة بين إنسان وآخر، بين غني وفقير، بين سيّد وعبد ليتّحد الكلّ في جسد ودم الإله الواحد!!.


ويبدأ السّرد الإنجيليّ... "إنسان صنع عشاءً عظيمًا ودعا كثيرين"... حسنٌ التوقف عند كلمة "عظيمًا"... العشاءات تستعمل بوصفها كلمة "كبير" "سخيّ".. إلخ... لكن عظيمًا فكلمة نادرة لوصف ذاك العشاء!!.

العشاء العظيم يقيمه العظماء!! إذاً الدّاعي اليوم للعشاء إنسان عظيم!! ويسوع قال:"أنا أتيت لأَخدِمَ لا لأُخدم" (متى 28:20).


الدّاعي هو الآب السّماويّ، آتيًا شعبه ليتعشّى في البيت معهم، في الفردوس، مع ٱبنه يسوع الإله الكلمة المرسل من لدن الآب ليخلّص ما قد هلك ومعهم!!! إنّها دعوة التوبة والرّجعة إلى من وما طرد عنه الإنسان لعدم حبّه وطاعته!!!. لعدم معرفته!!.



أنّه العودة إلى الآب بالابن، إلى فردوس الثالوث القدّوس!!.

إن أحببنا إنسانًا، صادقناه ودعيناه ليدخل مكان إقامتنا، فيجعلنا بتلك القربى خاصة معه وله!!. والمهمّ في هذا المثل الّذي يحكي قصّة أجداد يسوع، تاليًا، سلالة كلّ البشرية الّتي نحن رأسها في حمل الخطيئة، أنّها وبعد أن ٱنتظرت أجيالاً طوال ولم يأتها المخلّص، دُعيت إلى العشاء العظيم، لتعود هي إليه بالدخول إلى خدره، إلى مائدته!!! وتناقلت الألسنة الخبر والأسماع التسآل، من الدّاعي"؟! وفي سؤلها عرفت هويّته و"لكن"!!.

هذه الـ"لكن" كلمة قال أحدُ الآباء في كنيستنا، إنّها كلمة السّقوط بامتياز!! لماذا حدّدها هكذا؟؟ لأنّ الحبّ تسليم وقبول ووداعة!!. لأنّ كلمة الحياة الأبديّة هي الـ"نعم"! الّتي قالتها مريم رغم كلّ صعوباتها! "نعم يا رب ليكن لي بحسب قولك" وهي كلمة الإبن للآب :"لتكن مشيئتك"! أما اللاّكن ففيها بدء وحوار العقل والمنطق، لدحض فكر الآخر لذا أكّد الرّب: "يا بنيّ أعطني قلبك" ولا تجادلني بعقلك! لأنّه بالحبّ وحده يحيا الإنسان الإلهيّ!!.

رفض كلُّ أولئك، الّذين دُعوا إلى عشاء عرس الحمل فجعلهم ذلك يسقطون في جبّ حبّ العالم وارتموا خارج البيعة الإلهيّة المختارة!!.

هكذا بقي خارجًا في شوارع المدينة وأزّقتها، المساكين والجدّع والعميان والعرج!!... هؤلاء صاروا خاصة الإله ومدعويّه، لا الشعب المختار الّذي تجسّد الإله لينقذه بدءًا من سقوطه ليردّه إليه!!.

"ويبقى أيضًا محل يا سيّد! فقال السّيّد للعبد اخرُج إلى الطرق والأسيجة و"ٱضطرهم" إلى الدّخول حتّى يمتلئ بيتي"!!

هكذا قال الرّسول بولس:"اكرز بالكلمة ... في وقت مناسب وغير مناسب" (2 تيموثاوس 2:4). وهكذا كان على كلّ المدعوّين أن يسمعوا كلمة البشارة!. أن يأكلوا من مائدة العرس، أن يصبحوا عشراء العريس!!.



وأصدر الرّبّ الإله الرّحوم الطّويل الأناة الكثير الرّحمة "حكم الدينونة" على الّذين عرفوا لكنّهم رفضوا العشاء، على الّذين، التحفوا بالأكاذيب وبالاهتمامات الدنيويّة ليبتعدوا عن الإله!!. لم يكن لأيّ من أولئك الأغنياء فضول ولو المرور إلى موضع العشاء ليتعرّفوا ما ذاك العشاء؟! ومن الدّاعي، ومن المدعوّين!... لأنّهم عرفوا بعمق أعماق أنفسهم أنّهم إذا دخلوا المنزل ستكون لهم الرّغبة في البقاء، والشرّير داخلهم أخافهم فخافوا وشكّكهم فشكّوا!!!.

ماذا يريد منّا ذاك الإنسان الدّاعي؟؟ أليجعلنا أُجراء وعبيدًا له؟ يحرّكنا بأصبعه فيجعل حياتنا لعبة بين يديه ويحصل على مآربه منا ويبعدنا عن أهلنا؟!... عن أرزاقنا؟!... عن ممتلكاتنا؟!... عن أبقارنا الّتي ستحرث أرضنا؟!... أو عن شهوة أجسادنا بامتلاك نساءٍ زوجات لنا؟!... لتكثير نسلنا فيغتنوا بما حصّلناه لهم؟! ويعيشوا فرح البحبوحة الزائل ناسين الحياة الأبديّة؟!. "لا لنا يا الله، لا لنا بل لاسمك أعطِ المجد"!! (المزامير 9:113).

من الأجداد وحتّى يومنا هذا، يبقى الإنسان غارقًا في صمته ولا مبالاته! ليس ولا واحد هنا عاد ليشكر على الدّعوة!!. الجميع اعتذروا! قتلوا الدّاعي برفضهم دعوته لهم!. أنكروه! ٱستغنوا عن مآكله! عنه!!.

كلّنا خطئنا وأثمنا!. كلّنا مررنا بتلك التجارب وعشنا فيها!! كلّنا تساءلنا وشككنا، لكن بعضنا سمع صوت الحمل فٱستجاب لنداء الرّاعي! هذا لم "يلعنه" الآب الّذي أعطى حياته للابن لتُعَلّق على الصّليب من قبل شعبه!..

ألا نقف مع هذا الإنجيل وقفة صمتٍ ورهبة غير عارفين لماذا كلّنا في بدء حياتنا على الأرض ومع الرّبّ يسوع، لم نسمع كلمته ولا لبّينا النّداء سِراعًا ولا عبرنا جسور الحبّ الّتي أقامها لنا لنعبر عليها من أرض موتنا إلى الحياة الأبدية الّتي قدّمها لنا مجّانًا بجسده ودمه؟!. لكن البعض لبّوا النّداء وهم فتية في ريعان الشباب ولكن!!!.

تبقى المشكلة في السّقوط، الّذي يشدّ كلّ واحد منّا للعودة عن قرار التزام الحياة الأبديّة مطرحًا ومثوىً أخيرًا لحياتنا على الأرض!.

نحن لم نلبِّ نداء العشاء، لأنّنا لا نريد أن نتغيّر! لا نريد أن نعرى ويُبصق علينا ونُلطم، لأنّنا ٱخترنا إلهًا غير الإله الّذي رُبّينا على عبادته، أي "ذواتنا"... ونبقى كلّنا في سباق يومي حتّى نظهر ونقول ماذا نفعل، كيف نعطي، كيف نحيا لنبقى عظماء في عالمنا لا في عالم الإنجيل، لأنّ كلمة الله لا تقيّد ولسنا نحن منها!.

"أحد أجداد" الرّبّ يسوع هو منخسٌ ونداء لكلّ واحد منّا حتّى نسمع صوته ونأتي إليه تاركين وراءنا ثوب الخطيئة ليَلبسنا هو حلّة الميلاد الجديدة فيعمّدنا تاليًا بنوره على ضفاف أردن قلبه!.


” في احتفالنا اليوم بتذكار الجدود لنسبحن بإيمان يا مؤمنون المسيح الفادي الذي عظمهم في جميع الأمم . الرب الصانع غرائب العجائب . العزيز القدير الذي أبرز لنا من نسلهم عصا قوة . هي مريم فتاة الله النقية التي وحدها لم تذق خبرة الزواج . ومنها بزغت الزهرة أي الذي أثمر للجميع الحياة والنعيم الخالد والخلاص الأبدي ” ( اللحن الثامن – صلاة الغروب ).



أيها الأبناء المحبوبون بالرب الفادي يسوع المسيح
أيها المسيحيون الحسنى العبادة


أن كنيستنا المقدسة الإلهية , تدعونا اليوم وبفم مرنم الكنيسة ,لكي نحتفل ونقيم تذكار القديسين الأجداد ولنسبح فادينا المسيح الإله.

إن الاحتفال بتذكار الآباء الأجداد القديسين يأخذ بعداً روحياً عميقاً كوننا نقيم هذه الشعائر في المكان المقدس حيث الرعاة الساهرون على قطعانهم ” وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم…. وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين : المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة”. في هذا الحدث الهام والمميز كان للجنس البشري دور الشاهد لتجسد وتأنس كلمة الله للمسيح في المغارة القابلة الإله الواقعة قرب مدينة بيت لحم.

إن الآباء الأجداد وخاصة عميدهم وركنهم الأول وأب الآباء البطريرك إبراهيم الذي كان مسقط رأسه بلاد الكلدانيين , قد تربى في بيت وثنى يعبد والده الأصنام , علماً أن إبراهيم كان نبيهاً ذا لب نقي طاهر , لذا وبموهبة خاصة رفض السجود والعبادة للأصنام لأن هناك بون كبير بين الخالق والمخلوق , فحاشا أن يكون الله من ضمن هذه المخلوقات , وبالهام روحي في فهم نظام الكائنات والمرئيات , استطاع أن يسبح الإله الغير المنظور , فدعي بخليل الله وسجد له كالله (الله الغير المنظور).

لهذا السبب أصبح أب لكثيرين من الأمم , ومنه ولد البطاركة اسحق ويعقوب , ومن يعقوب ولد يهوذا وإخوته , ومن سبط يهوذا ولد الآباء الأجداد ومن نسلهم ولد المسيح .

بكلام آخر فان إبراهيم يصبح جد المسيح لأنه من نسله :” يظهر لنا عصا قوة هي مريم فتاة الله النقية التي وحدها لم تذق خبرة زواج. ومنها بزغت الزهرة أي المسيح الإله مخلصنا وفادينا ” . وبالإضافة لهذا الحدث فقد تنبأ مسبقاً أشعياء النبي القائل: “ولكن يعطيكم السيد نفسه آية . ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتعو اسمه عمانوئيل ” (أشعياء 14:7).

ويرتل مرنم الكنيسة :” لقد أصبح بنو إبراهيم أنبياء إلهيين كليي الحكمة . فسبقوا عن حرارة قلب وأخبروا بالروح القدس عن الكلمة أنه يولد من نسل إبراهيم ويهوذا . فبتضرعاتهم يا يسوع ارأف بنا جميعاً”.

كنيستنا الارثودكسية الرسولية المقدسة ,وخاصة كنيسة أورشليم التي منها ارتقى وبأصالة , خلفية الأجداد ومن نسب وصلب إبراهيم مثل القديس يعقوب أخي الرب أول رؤساء أساقفة أورشليم على كرسي الخلافة الرسولية الممتدة بقوة وثبات وبدون توقف , معطية شهادتها الكاملة والحقيقية للمسيح , وليس فقط بالطريقة التبشيرية أو الشركة الإلهية أي ليتروجياً,بل بالطريقة الطبيعية الحرة الأصيلة , أو لنقل بأكثر دقة فإنها تقدم شهادة أصيلة بدورها التاريخي في الحفاظ والخدمة والوقاية والسهر بكل بطولة وأريحية وشهامة في حفاظها على الوزنة التي أودعت بين يديها ,ألا وهي الأماكن المقدسة : مثل هذا المكان المقدس كمان الرعاة الساهرين في مدينتكم العامرة ,والمكان المقدس في مدينة بيت لحم حيث المهد الشريف وكذلك الأماكن المقدسة للصلب والقيامة في أورشليم .

بكلام اخر أيها الأخوة الأحباء

كنيسة المسيح التي هي جسد – الاله الانسان – ربنا يسوع المسيح من ناحية , وكما أن الكنيسة تعبر عن الحدود البيولوجية والاثنية والعنصرية , فهي فلك سر التدبير الالهي . يعني الفلك الذي به وفيه يتم تحقيق سر الخلاص للبشرية جمعاء بالمسيح.

هنا يتضرع المرنم قائلاً : (( لقد بررت الجدود بالايمان ايها المسيح الاله , وسبقت فخطبت بهم الكنيسة التي من الامم. فالقديسون يفتخرون مباهين بانه من نسلهم أينعت ثمرة شهيرة شريفة هي الفتاة التي ولدت بلا زرع . فبتضرعاتهم خلص نفوسنا .

أيها الاخوة الاحباء

كنيسة المسيح تعدنا وتهيئنا بفم ابائها القديسين حاملي الاله , لنجهز ونعد نفوسنا لنعيد ميلاد المسيح بالطريقة الروحية الالهية , وليس بالطريقة الجسدية والدنيوية , بالطريقة الملائمة والمناسبة لله, وليس بالطريقة الأثنية والأممية كما يأمرنا الرسول بولس: ” فأقول هذا أشهد بالرب أن لا تسلكوا في ما بعد كما يسلك سائر الامم أيضاً ببطل ذهنهم اذ هم مظلمو الفكر ومتجنبون عن حياة الله لسبب الجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم” . ( افسس 18-17 :4).

هلموا نحتفل كلنا بالتذكار السنوي للاباء الذين نبغوا قبل الشريعة ,ابراهيم والذي معه , ونكرم سبط يهوذا بحق واجب ونعتصم بدقة بأقوال الأنبياء. فنهتف مع أشعياء النبي بصوت عظيم قائلين : ” ها ان العذراء تحبل وتلد ابناً هو عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا” .

هذا هو بالتدقيق ابن العذراء مريم عمانوئيل فنمجده بقلوب نقية وحارة. هذا هو عمانوئيل الذي أحنى السماوات ونزل الى الأرض . المسيح قد ولد فمجدوا , المسيح أتى من السماء فاستقبلوا.

هذا لأنه كما يقول مرنم الكنيسة : الان يأتي رجاء الأمم وافداً من العذراء. وبيت لحم تفتح عدناً المغلقة فتحاً يليق باقتبال الكلمة متجسداً يضجع الجسد في مذوذ .امين



مع محبتي للجميع بالمسيح ربنا آمين
كل عام و الجميع بألف خير
سامر يوسف الياس مصلح
بيت ساحور - 28-12-2014

ليست هناك تعليقات: