أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 أغسطس 2013

عيد تجلي ربنا و مخلصنا يسوع المسيح


يكشف كل عيد من الأعياد السيدية الحقائق اللاهوتية لسر التدبير الإلهي الضرورية لخلاصنا، ومنها عيد التجلي: 

1). المسيح هو الله
بالعودة للمقطع الإنجيلي لحادثة التجلي نلاحظ أنه يحدثنا عن النور الغير المخلوق الذي يصدر من المسيح فينير كل من حوله، وعن “سحابة نيّرة” التي هي علامة في الكتاب المقدس لظهور الله، وصوت يُسمع من وسط هذه السحابة يقول: “وفيما هو يتكلم إذا سحابة نيرة ظللتهم وصوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. له اسمعوا” (متى5:17)،


بالإضافة لأن الأنبياء الكبار أي موسى وإيليا الذين ظهروا داخل هذه السحابة كشفوا لنا أن المسيح هو سيد الأحياء والأموات وليس نبي مثلهم وليس شخص معادي لله كما حاول اليهود إظهاره حيث تكلّموا معه عن “خروجه” (لو31:9) الذي سيتم في أورشليم، ولن ننسى التلاميذ الذين سقطوا على وجههم غير قادرين على تحمّل نور المسيح الإله، كل هذه الأمور توضح وبشكل جلي الطبيعة الإلهية للمسيح. تلك الطبيعة الإلهية المخفية بإرادته وراء الطبيعة البشرية، والتي يكشفها للذين يطلبونه بقلب نقي.
2). الطبيعة البشرية للمسيح الممجدة فاض، في حادثة التجلي، نور بهي من جسد المسيح، حتى من ثيابه أيضاً (لو29:9). هذا الحدث لم يظهر فقط الطبيعة الإلهية للمسيح بل مجّد الطبيعة البشرية، مجد آدم الجديد الذي لم يتلوث أبداً بالخطيئة.
طبيعة المسيح البشرية كانت ممجدة من لحظة الحبل به من والدة الإله ولكن هذا المجد لم يظهر حتى التجلي، فقد أمسكت أعين التلاميذ عن رؤية هذا المجد، ولكن الآن ولأول مرة انفتحت أعينهم ليروا ما لدى المسيح منذ لحظة ولادته، بالحقيقة المسيح لم يظهر شيء مخفي بل أعين التلاميذ هي التي تجلت روحياً وأصبحت قادرة أن ترى النور الغير المخلوق.


النور الذي سينير دوما ملكوت السموات حيث لا يكون ليل أبداً “ولا يكون ليل هناك ولا يحتاجون إلى سراج أو نور شمس لأن الرب الإله ينير عليهم” (رؤ5:22).

ما قام به المسيح سيفعله البشر المؤمنون عندما يستنيرون بنوره لأنه قال: “حينئذٍ يضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم” (متى 43:13)، ويؤكده لنا أولاً بذاته عندما تجلى وأظهر نوره وثانياً عندما سيرسل لنا نعمة الروح القدس، في يوم العنصرة، عندها سينعم المؤمنون بالنعمة الإلهية وسيؤكدونها القديسون بحياتهم الجهادية عندما يضيؤون بنعمة الروح القدس عبر كل العصور.

"ان التجلي ظهر في جبل طابور في الجليل، لكنه جبل غير عال، ارتفاعه نحو 600 متر فقط. ولهذا يقول بعض العلماء، وانا اتبعهم في تفسيرهم، ان الرب تجلى على رأس جبل الشيخ هنا عندنا. ويدل بعض الوقائع في الانجيل على انه كان هناك او قريبا من ذلك الموقع. ماذا يعني ان وجهه صار يلتمع كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالثلج؟

يجب ان نتعمق قليلا لكي نفهم، لأن الانجيل سيعطينا درسا لاهوتيا، وهو لا يريد وقائع كما الصحف، بل يريد ان يوصلنا الى مكان. اولا تذكرون ان الرب يسوع كانت له طبيعتان: الهية وانسانية، يعني قبل ان يولد من العذراء كان موجوداً، كان الها او ابن الله، وظهر لاحقا من مريم.

وعندما بشرها الملاك، كان إلها وانسانا معا. ولكن اراد عندما صار انسانا ان يحجب نور الالهية عنه، لانه لا يستطيع ان يمشي بين الناس ويعلم ويشفي المرضى وعلى وجهه وثيابه نور طيلة الوقت. يريد ان يساوي نفسه مع الناس. ولذلك أخذ شكل الناس وحجب النور الالهي في داخله، وما حدث على الجبل، ان وجهه وثيابه تغيرت. في الحقيقة، أظهر طبيعته الالهية للتلامذة، لماذا فعل ذلك؟ لانه اراد ان يبين لهم انه سيتمجد على الصليب وفي القيامة كي يمهد لهم الفهم لمجده الحقيقي. كشف لهم ذاته موقتا يوم التجلي".

واضاف: "هذا التفسير أوضحه الانجيل عندما قال: "انه سمع صوت يقول هذا الابن الحبيب الذي به سررت. وقالها قبل ذلك في المعمودية، في معموديته في نهر الاردن، تدخل الآب ليثبت ان هذا الشخص الذي ترونه من لحم ودم هو ابن الله. اذاً، فما معنى انه أحضر معه الى الجبل موسى وايليا؟ وقلت لكم ان موسى لم يستطع ان يرى وجه الله، فقط الآن شاهد موسى وجه الله للمرة الاولى على وجه يسوع. يعني وجه يسوع هو وجه الله، في حين لم يشاهد وجهه الا المسيح ابنه، لم يصعد احد الى السماء الا من نزل من السماء، ابن البشر الذي هو في السماء".

وتابع: "نحن اذاً نريد ان نطلب الله بأعمالنا وكلامنا وسلوكنا اذا كنا نريده، ولكن اذا قررنا ان نبقى نصابين ومحتالين وكذابين فمعنى ذلك اننا لا نريد وجه الله حتى لو اتينا مساء العيد الى الكنيسة. اذا كنا نريد الله ونريد ان يغير لنا طبيعتنا، يعني ان يجملنا كما اظهر جماله على وجه يسوع، اذا كنا نريد الله نريد ان نطلب يسوع، فيجب ان نكون مثله ونتشبه به ونقتبس اخلاقه.

لهذا، اطلب منكم ان تصيروا مثل المسيح، هذا المطلوب وهذه هي المسيحية، يجب ان نكون صادقين شفافين، ما في قلبنا هو ذاته على لساننا، يجب ان نقرر ان نتبع يسوع".

تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بعيد التجلي في اليوم السادس من شهر اب من كل عام(شرقي)أي التاسع عشر من شهر آب (غربي) ، تجلى يسوع امام جبل عالي امام تلاميذه ، فاشع وجهه كالشمس وتلالات ملابسه كالنور ، واذا موسى وايليا تراءيا لهم يكلمانه مخاطب ...(هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت فله اسمعوا )

تعني العبارة اليونانية "تجلي" أي تحول أي اتخذ شكلا سماويا تنقل فكرنا الى قول القديس بولس "مع انه في الصورة الله اتخذ صورة العبد وصار على مثال البشر أي ظهر بمظهر الانسان .

مع محبتي للجميع بالمسيح ربنا آمين 

كل عام و أنتم بألف خير
سامر يوسف الياس مصلح
بيت ساحور 19/08/2013

ليست هناك تعليقات: