أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 9 يونيو 2012

الأحد الأول بعد العنصرة (أحد جميع القديسين)




الأحد الأول بعد العنصرة (أحد جميع القديسين)
-------------------------------------------------------------------------------

الرسالة (عب 11: 33 – 12: 2)
يا إخوةُ إن القديسين أجمعين بالإيمان قهروا الممالكَ وعَملوا البِرَّ ونالوا المواعد وسدّوا أفواه الأسود* وأطفأوا حِدّة النار ونجَوا من حدِّ السيف وتقَوَّوا من ضُعفٍ وصاروا أشدّاء في الحرب وكسروا معسكرات الأجانب* وأَخذَت نساءٌ أمواتهنَّ بالقيامة وعُذِّبَ آخرون بتوتير الأعضاء والضرب ولم يقبلوا بالنجاة ليحصَلوا على قيامة أفضل* وآخرون ذاقوا الهُزءَ والجَلدَ والقيود أيضاً والسِّجنَ* ورُجِموا ونُشِروا وامتُحنوا وماتوا بحدّ السيف. وساحوا في جلود غنمٍ ومَعِزٍ وهم مُعوَزون مُضايقون مجهودون* (ولم يكن العالمُ مستحقاً لهم). وكانوا تائهين في البراري والجبال والمغاورِ وكهوفِ الأرض* فهؤلاءِ كلُّهم مشهوداً لهم بالإيمان لم ينالوا الموعد* لأنّ اللهَ سبقَ فنظر لنا شيئاً أفضلَ أن لا يُكْمَلوا بدوننا* فنحن أيضاً إذ يحدِق بنا مثلُ هذه السحابة من الشهود فلنُلقِ عنا كلَّ ثِقلٍ والخطيئةَ المحيطةَ بسهولة بنا. ولنسابقْ بالصبر في الجهاد الذي أمامنا* ناظرين إلى رئيسِ الإيمانِ ومكمّله يسوع.


الإنجيل (متى32:10-33، 37-38؛ 27:19-30)
قال الرب لتلاميذه كلُّ من يعترف بي قدّام الناس أعترف أنا به قدام أبي الذي في السماوات* ومَن ينكرُني قدام الناس أنكره أنا قدام أبي الذي في السماوات* مَن أحبَّ أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقُّني. ومن أحبَّ ابناً أو بنتاً أكثر مني فلا يستحقني* ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني* فأجاب بطرسُ وقال له هوذا نحنُ قد تركنا كلَّ شيءٍ وتبعناك فماذا يكون لنا* فقال لهم يسوعُ الحقَّ أقول لكم إنَّكم أنتم الذين تبعتموني في جيل التجديد متى جلس ابن البشر على كرسيّ مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثنَيْ عشَرَ كرسياً تَدينون أسباط إسرائيلَ الاثني عشَرَ* وكلُّ من ترك بيوتاً أو إخوةً أو أخواتٍ أو أباً أو أماً أو امرأةً أو أولاداً أو حقولاً من أجل اسمي يأخذ مِئةَ ضِعفٍ ويرثُ الحياةَ الأبديةَ* وكثيرون أوَّلون يكونون آخِرين وآخِرون يكونون أوّلين.


أحد جميع القديسين

 

يدعى هذا الأحد وهو الأول بعد العنصرة, أحد جميع القديسين. فبعد أن حل علينا الروح القدس, ضمنا إلى الله الآب, والروح يوحد بين المؤمنين ليزرع فيهم قداسته. هذه هي وظيفته, أن يربطنا بالثالوث القدوس وأن يطهرنا لنكون شهوداً معترفين به.كثيرون هم الذين تقدسوا لربهم ولم يذكروا, وقد شاءت الكنيسة أن تقيم ذكرى جامعة لهم حتى نربط نحن بروح القداسة إذ أن إرادة الله قداستنا.

قال السيد له المجد في مطلع هذا الفصل الإنجيلي المبارك:\" كل من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا به, ومن ينكرني قدام الناس أنكره قدام أبي الذي في السماوات\". الاعتراف بالله هو الاعتراف بالفم بلا شك, هو اعتراف بأن الله أقام يسوع من بين الأموات, هو إقرار بأن ربنا مخلص لنا وأنه جاء وسكن فيما بيننا وأنقذنا من الخطيئة والموت. ولله أيضا اعتراف ليس فقط باللسان بل بالحياة البارة, فالحياة نطق وهي تفصح عن أن المسيح حي في نفوسنا وهي تترجم إيماننا.

لذا تلي علينا من بولس أيضاً أقوالا تتعلق بآلام القديسين الشهداء وبما صنعوه اعترافا منهم بيسوع. والقداسة هي ما حدده هنا له المجد بقوله:\" من أحب أبا ً أوأما أكثر مني فلا يستحقني, ومن أحب ابنا أو بنتاً أكثر مني فلا يستحقني\". الولاء ليسوع. نحن ليس لنا ولاء لشخص آخر أو لشيء آخر. نحن هنا نمر في هذه الدنيا وهدفنا أن نسير إليه. ليس من أمور تستطيع أن تصرفنا عن الهدف الأحد الذي هو المسيح فينا, محبوبا ومعبودا ومطهرا لذواتنا وحالا فينا بمحبته.
ولكن هذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا استطعنا أن نسمع إلى قوله المبارك: من لا يترك صديقه ويتبعني فلا يستحقني. الدرب إليه درب آلام نكابدها وما الآلام سوى النحيب على الخطيئة. الإنسان عاشق لخطيئته, لعاداته, لنزواته, هي مغروسة في أعصابه في لحمه, في فكره, في شوقه. أما المسيحي الذي نظر إلى يسوع مرفوعاً على الخشبة فإنه يحاول يوما بعد يوم, مقتلعا شوكة بعد شوكة, حتى ينصرف بروحه للمسيح ولا يبقى فيها أثر لغير المسيح. المؤمن يتصرف في هذه الدنيا, يمس مالاً بيديه, يحرك أفكاراً في قلبه يرى أشياء وأناسا في الدنيا ولكنه ليس في هذه الدنيا. هو ليس بالمال الذي يلامس, ولا عبد للناس الذين يلقاهم, ولا أسير للأفكار التي يقرأها ولا للصحيفة التي يتصفحها, ولا غارق في المدرسة والجامعة التي يتعلم فيها.

المسيحي عابر دائماً, يعرف إلى أن يتوجه ويعرف أن مدرسته في السماء, وأن يسوع سيده, وأن القديسين شفعاؤه , وأن الإنجيل كلمته, وغير هذا لا يعرف. كل خلط بين المسيح وسواه باطل, كل هذا فساد. أن يكون لسان حالنا خير هذا وشر ذاك, خير من الله وشر من الدنيا, بعض من الدين وبعض من التفاهات, شيء من قلبنا مع القديسين وشطر منه مع الفاسدين, هذه تجزئة وهذا لا يصح. المسيحية لا تستطيع أن تجمع بين النور والظلمة. المسيحية جذرية, نلتزمها ولا نلتزم سواها, المسيحية أتت من هذا القول:\" قد تركنا كل شيء وتبعناك\".
ليس لنا أن نتنسك لنتبع يسوع وإن كان هذا جميلا. ليس لنا أن نترك بيوتنا لنتبع المعلم, ولا أزواجنا ولا أولادنا ولا أموالنا. طبعا يحمل الإنسان الذكريات والأصدقاء في قلبه ولكنه يحملها في المسيح سيد قلبه لتتطهر وتتقدس به. الإنسان المسيحي ليس له صداقات ضد الحقيقة وضد النور. ليست له عاطفة تتدفق في قلبه إلا ليعطي منها ما ينفع وما يطهر لأن عاطفته بالنهاية فقط للمسيح, والناس يأخذون منها حتى يصلوا إليه. كل ما نصنعه وما نقول, كل زواج نعقده, كل واجب نقوم به , كل تجارة نتعاطاها, كل لغة ندرسها, كل كلمة نقولها, كل هذه الأشياء نستهدف منها أن نصل بأنفسنا, وعائلاتنا, ووطننا وقريتنا, والناس الذين نلقاهم, والأشياء التي نتملكها إلى المسيح.

مع محبتي للجميع بالمسيح ربنا آمين
كل عام و الجميع بألف خير
سامر يوسف الياس مصلح
بيت ساحور - 10-06-2012




ليست هناك تعليقات: