أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 6 يناير 2012

عيد ميلاد مخلصنا يسوع المسيح

عيد الميلاد .... ولادة جديدة


هناك جهل بالنسبة للأعياد المسيحية فنحن غالبا نعيش المناسبات الدينية كمناسبة كذكرى لذلك نحتفل بها كذكرى والأشخاص المتشددون يحتفلون بشكل أكبر ونعتقد أنه هذا هو المطلوب منا . ولكن علينا أن نتذكر أنه يجب أن نستقبل الله نفسه ( النعمة الإلهية ) الله يطلب منا الاستعداد لأنه هو المعطي و بذكرى العيد هو يعطي نعم الميلاد إننا نريد أن نصل بعيد الميلاد إلى النعمة الإلهية وأن نلمس حضور الله الذي هو حضور مبارك . نحن ننتظر مجيء المسيح لأننا ننتظر السلام , سلام إيجابي , سلام نمو وازدهار.عندما نحضر للعيد بشكل سطحي ( التنظيف ، الترتيب ، التزيين ،الاحتفال ) نستطيع أن نصل إلى السرور .



لكن الله يعطي الفرح الحقيقي لا نعرف من أين وكيف.
• إن الفرح هنا هو فرح إلهي هناك فرح حقيقي لأن الله يعطي وهو قادر على كل شيء قادر على خلق الفرح مثل النور الذي يأتي من بعد الظلام ، والمسيح هو النور الذي يأتي إلى حياتنا نور السلام والفرح الحقيقي . لننتظر نعمة الميلاد لأن الله جاء من 2000 سنة وهو يأتي في كل سنة من خلال الليتورجيا نحن ليس فقط نتذكر بل نشارك بهذا السر نحن أمام عجيبة إلهية أمام حضور روح الله الحقيقي الروح القدس .

هناك شيء أكثر من الذي نراه بعيوننا نحن عندما نشارك المسيح بالعشاء السري هذا الأمر مشاركة وليس ذكرى نفس الأمر بالنسبة لعيد الميلاد . هناك ذكرى الميلاد و هناك نعمة الميلاد ونحن نريد من خلال الذكرى ملامسة سر الميلاد حتى يكون الله في كنيستنا في بيتنا في حياتنا , المسيح أتى بظروف صعبة عار وفي مذود ثم المسيح على الصليب حتى نستمد منه الشجاعة في حياتنا و نرى بالإنجيل أنهم فرحوا فرحا كبيرا جدا فرحهم هذا لم يأت من أمور خارجية إنما جاء الفرح من الله هذه هي نعمة الميلاد .


ربما سيتوضح الموضوع بشكل أكبر لو سألنا السؤالين التاليين وجوابهما سيعطي مجال فهم الولادة الجديدة .
1- ما معنى عيد الميلاد ؟
2- ماذا تنتظر أنت من عيد الميلاد ؟


1- ما معنى عيد الميلاد ؟
الله رحيم و يهتم بالإنسان الله محبة وعطاء جاء لهذه الدنيا بهذا الأسلوب من أجلنا إن غنى الله يظهر بفقر المسيح ونحصل نحن أيضا على غنى الله وغنى الحياة كلها . المشكلة أننا سطحيين نهتم بأشياء مادية ولا نرى بعضنا بعمق لقد جاء المسيح ليؤسس ملكوت الله على الأرض .

• الإنجيل يشبه ملكوت الله بالفلاح الذي يفلح الأرض و يأخذ أجرا يكاد أن يكفيه إذا كان يعمل عند مالك الأرض . أو إذا كان هو نفسه صاحب الأرض فيربح ما يكفيه لحياة بسيطة ولكن ملكوت الله هو هذا الفلاح ولكن عندما يكتشف فجأة كنز بهذه الأرض كأنه فجأة صار غني سنوات عمل ولن بلحظة واحدة وجد الكنز واكتشف حياته نحن لا نعرف متى نحصل على النعمة الإلهية . تماما كذلك الشخص الذي يمتلك كتاب رائع يحتوي على حكمة إلهية روحية تعلم الإنسان كيف يمشي في هذه الحياة إنه كتاب متميز إذا كنت تعرف القراءة ولكن إذا لم تكن تعرف القراءة لن تستطيع معرفة الحكمة .

التحضير لعيد الميلاد هو طلب لكم حتى تقرؤوا هذا الكتاب وفهم روح هذا الكتاب حتى نستقبل نعمة الله . إنسان أعمى عندما تفتح عينيه كيف ستتغير حياته كأنه فعلا قد ولد من جديد . عندما يكون الإنسان لوحده في هذه الدنيا وفجأة يجد شخصا يحبه ويدعمه كم ستتغير حياته نحن بفترة التهيئة لعيد الميلاد علينا أن نفتح قلوبنا .



2- ماذا تنتظر أنت من عيد الميلاد ؟
مار بولص يقول الإنسان جسد نفس وروح إنسان كامل متكامل يعيش حياته على مستوى الجسد والنفس والروح في هذه الأيام الحياة الروحية مشغولة لأن الإنسان مشغول بالحياة المادية ومغرياتها فلا يوجد عنده وقت فراغ .طيبون يحبون الله ولكن الدوام وتدريس الأولاد وشغل البيت أريد أن أصلي ولكن لا أستطيع لأنني تعبت كثيرا

• نفس الأمر يحصل بالنسبة لعيد الميلاد نحن نعمل تهيئة جيدة لعيد الميلاد بالزينة والطبخ والطعام (أمور مادية ) لكن إذا ركزنا هنا وكل الطاقات ذهبت بهذا الاتجاه فلن نستطيع أن نلمس الولادة الجديدة هناك نعمة الميلاد نريد الحصول عليها أن نلمس فرح عيد الميلاد وهو أمر غير منظور .

إذا نظرنا إلى مريم نظرة مادية نجد أنها صبية صغيرة عادية مخطوبة لنجار تعيش في قرية صغيرة تدعى الناصرة ماديا هذا أمر صغير جدا بالنسبة مثلا للإمبراطورية الرومانية العظيمة في ذلك الوقت

لماذا نحن نحبها ونقدسها ونحتفل بها ؟؟؟
لأنها هي كبيرة فعلا ليس من الناحية المادية الخارجية بل بإيماننا .

• بعيد الميلاد نفس الأمر من الناحية المادية أو الخارجية نرى امرأة ورجل وطفل أمر عادي ولا يوجد أية علامة هنا ولكن من الناحية العميقة نحن نعرف أن هذا الطفل ليس عادي الملاك عندما أخبر عنه قال علامة الطفل أنه في مذود ونرى أن مريم ليست امرأة عادية لأن روح الله حل عليها وجعل من مريم أما ليسوع و لقد سجد له المجوس والرعاة ليس لأن طفل في مزود فقط بل لأنهم رأوا ا فيه المسيح ونوره .

إذا الناحية المادية مهمة إذ هي تعبر عن شيء آخر أكثر عمقا اجتماع العائلة كلها مصدر للسعادة و لكن علينا أن نعيش عيد الميلاد بعمق أكثر البعد الروحي هو اللقاء مع الرب مع المسيح هناك فرق بين أن نكتب محاضرة عن الصداقة وبين أن نعيش الصداقة فعليا . نفس الفرق بالنسبة للمعرفة عن المسيح و لكن أن نعرف أنه جاء لأجلنا ولد فينا هنا تكون الولادة الحقيقية

عمق الرياضة الروحية هو الفهم بأنه في عيد الميلاد علينا الحصول على نعمة الميلاد وهي حضور المسيح نفسه بشكل ملموس واللقاء مع المسيح

اطلبوا من الرب أن يأتي إلى حياتكم إلى هذه المغارة إلى هذا المزود و أن نحتفل ليس فقط بأسلوب بشري وأن نولد نحن من جديد مع ولادة المسيح .

" هاءنذا أبشِّرُكم بفرحٍ عظيم ....لأنَّه قد وُلِدَ لكم اليوم مخلِّصٌ." ( لوقا2: 10-11 )

أيُّها المسيحيون الصالحون ! اذهبوا الآن منقادين بأجنحة ذهنكم الخفيفة محلِّقين فوق مغارة بيت لحم لكي تسمعوا ما الّذي يقوله رئيس الملائكة جبرائيل لرعيان بيت لحم . إنَّه يقول لهم بوضوح : ها إني أبشِّركم بفرحٍ عظيم ، الّذي سيُفرِحُ العالم أجمع . ها أنَّه قد طرد هذا الفرح سواد الظلمة القاتلة المميتة . ها أنَّه قد وُطِئَت مملكة الشيطان . ها أنَّ الجحيم يحرِّر جميع الأنفس الّتي كان قد ابتلعها . ها أنَّ الفردوس قد فُتِحَ اليوم لأنَّهُ قد وُلِدَ اليوم مشير الملائكة العظيم والرئيس القوي للدهر الآتي ، مخلِّص الجنس البشري الّذي تنبأَ عنه جميع الأنبياء . ها أنَّه قد وُلِد اليوم الملك السماوي من أجل خلاص البشر في بيت لحم اليهودية بمجدٍ عظيم وحشدٍ من الملائكة . ها أنَّه اليوم يُسجَدُ لله من قبل الرعاة أولاً ومن ثَمَّ من قبل الرعاة كما سنسمع من إنجيلينا اليومي :

فصل شريف من إنجيل متَّى البشير القراءة الثالثة
لمَّا وُلد يسوعُ في بيتَ لحم اليهوديةِِِ في أيام هيرودسَ الملكِ إذا مجوسٌ قد أقبلوا من المشرقِ إلى أورَشليم قائلين . أين المولودُ ملكَ اليهودِ . فإنَّا رأَينا نجمهُ في المشرِق فوافَيْنا لِنسجُدَ لهُ فلمَّا سمع هيرودسُ الملكَ اضطرب هو وكلُّ أورُشليمَ معهُ وجمع كلَّ رؤَساءِ الكهنة وكَتَبةَ الشعبِ واستخبرَهم أين يولَدُ المسيح فقالوا لهُ في بيتَ لحمَ اليهودية . لأَنَّهُ هكذا قد كُتبَ بالنبي : وأنتَ يا بيتَ لحمُ أرضُ يهوذا لستِ بصُغرى في رؤَساءِ يهوذا لأَنَّهُ منكِ يخرج المدبّر الّذي يرعى شعبي إسرائيل حينئذٍ دعا هيرودس المجوس سرّاً وتحقَّق منهم زمانَ النجم الّذي ظهر ثمَّ أرسلهم إلى بيتَ لحمَ قائلاً : انطلقوا وابحثوا عن الصبي بتدقيقٍ ومتى وجدتموهُ فاخبروني لكي آتيَ أيضاً وأسجُدَ لهُ فلمَّا سمعوا من الملكِ ذهبوا فإذا النجمُ الّذي كانوا رأَوهُ في المشرِق يتقدَّمُهم حتى جاءَ ووقف فوقَ الموضعِ الّذي كان فيهِ الصبيُّ فلمَّا رأَوا النجمَ فرحوا فرحاً عظيماً جدَّاً وأَتَوا إلى البيت فوجدوا الصبيَّ مع مريمَ أمِّهِ فخرُّوا ساجدين لهُ وفتحوا كنوزَهم وقدَّموا لهُ هدايا من ذَهبٍ ولُبانٍ ومُرٍّ ثمَّ أُوحي إليهم في الحُلم أَنْ لا يرجِعوا إلى هيرودسَ فانصرفوا في طريقٍ أُخرى إلى بلادهم . ( متَّى2: 1-12 ).


التفسير
لقد وُلِد المسيح في بيت لحم اليهودية حين انتهاء مُلك سبط يهوذا وابتداء مُلك هيرودُس الّذي كان أدوميَّاً وليس يهوديَّاً تماماً كما قال الأنبياءُ :" عندما ينتهي مُلك سبط يهوذا عندئذٍ سيظهر المسيح ." وعندما وُلِد المسيح أتى ثلاثةٌ من المجوس أي ثلاثةٌ من ملوك بلاد فارس الّذين كانوا وثنيين إلى أورُشليم من الشرق ليسجدوا للمسيح ليكون هذا كدينونة كبيرةٍ لليهود الّذين كانوا يطردون المسيح . إنَّ هؤلاء المجوس كانوا يعرفون من نبوءة بلعام ( العدد24: 17 ) بأنَّه عندما يُشرق نجم من الشرق سيولد ملك قوي ولذلك أتوا لكي يشاهدوه. حيث أنَّهم سألوا في أورُشليم :" أين هو ملك اليهود المولود ؟ لأنَّنا قد رأينا نجمه في الأفق وأتينا لنسجد له.


" لا تظنُّوا في أنفُسكم بأنَّ هذه النجمة هي كالنجوم الّتي نراها الآن وإنَّما كانت قوَّةً إلهيَّةً ما ، إذ أنَّه حينما كان المجوس يمشون كانت النجمة تتحرك معهم وحينما كانوا يستريحون كانت النجمة متوقفة في مكانها . كما أنَّها كانت تتحرَّك من الشرق نحو الغرب بنفس اتجاه رحلة المجوس . وعند وصولهم إلى أورشليم توقفت النجمة بمشيئة الله لكي تجعلهم يسألون عن المسيح فينتشر الخبر حول ما هم آتون من أجله . لكنَّهم لدى سؤالهم لم يضطرب هيرودس فحسب بل ومدينة أورشليم معه أيضاً لدى سماعهم بأنَّهُ قد وُلِدَ ملكٌ عظيم . لقد اضطرب هيرودُس لأنَّه كان ابن أُمَّةٍ أُخرى وكان يظنُّ بأنَّهُ سيخسر مملكته بسبب معرفته أنَّهُ غير مستحقٌّ ليملك . وأمَّا اليهود فقد اضطربوا لأنَّهم لم يكونوا يتأمَّلون فيما كتبه الأنبياء لكي يفرحوا بأنَّه قد ولدَ لهم ملكٌ ليحميهم .


وعندما سأل هيرودُس علماء اليهود أين يولد المسيح ؟ فأجابوه كما هو مكتوبٌ في الأنبياء بأنَّ المسيح سيخرج من أرض يهوذا المتواضعة الّتي اشتهرت الآن بسبب المسيح حيث أنَّه يأتي الآن أناسٌ من العالم أجمع ليزوروا بيت لحم المقدَّسة . وكما أنَّ الأنبياء قالوا بأنَّ المسيح سيخرج من أرض يهوذا هكذا فهو لم يسكن في بيت لحم بل خرج منها إلى مدينة الناصرة الّتي حفظها فيما بعد وكان يُعلِّم شعبها كملكٍ حقيقي وليس كالملوك الآخرين الّذين يُعدُّون ذئاباً خاطفةً مقارنةً به . حينئذٍ هيرودُس وبعد أن خطَّط أن يقتل المسيح خاف من اليهود لربُّما أخفوا الطفل ( المسيح ) ظنَّاً منهم بأنَّه سيُخلِّصهم . ولهذا دعا هيرودُس المجوس سرَّاً وسألهم عن زمان ظهور النجمة إذ أنَّها ظهرت للمجوس قبل ميلاد المسيح بكثير . وذلك لأنَّ المجوس كانوا يسكنون بعيداً جدَّاً وكان على النجمة أن تأتي بهم حينما يولد المسيح ليسجدوا له وهو ما يزال بعد مقمَّطاً . وعندما صرفهم طلب هيرودُس أن يُعلِموه حينما يجدوا الصبي . فور خروجهم من المدينة ظهرت النجمة لهم مجدداً وبعد أن قادتهم إلى الطفل الإلهي نزلت من العلو إلى رأس الصبي نفسه .


وحينما رأوا ذلك فرح المجوس لأنَّهم وجدوا ذاك الّذي كانوا يبحثون عنه . ولدى دخولهم وجدوا الطفل مضجعاً ومقمَّطاً في المذود فسجدوا لهُ مهدين إيَّاهُ ذهباً ولُبَّاناً ومُرَّاً . أمَّا الذهب فللملك وأمَّا اللبان فيرمز للمبخرة الّتي يُبَخَّر بها أمام الله والمُرُّ فيرمز للإنسان الفاني والّذي كان اليهود يدهنون به أجساد موتاهم . فقد قال بلعام عن المسيح : " إنَّه ممتدٌّ وجَثَم ومضطجعٌ كأسد ." ( العدد24: 9 ) إنَّهُ يكنِّي مُلكه بالأسد وأمَّا اضطجاعُهُ أو جُثومه فيُرمِّز به إلى موته . وبعد أن أعطوا المسيح الهدايا أظهر الله للمجوس أن يرجعوا من طريقٍ آخر وأمَّا هم فمن دون أن يخافوا من ملاحقتهم من جهة هيرودُس رجعوا إلى بلادهم عبر طريقٍ آخر فبشَّروا هناك جهاراً بأنَّهُ قد وُلِدَ المسيح الّذي سيخلِّص العالم من عبودية إبليس .
الإرشاد
يا لهذا الفرح العظيم الّذي لا يُنطَقُ به والمرغوب به بشدَّةٍ منذ الأزمنة الغابرة ! القوا بنظركم على مغارة بيت لحمَ الآن . ولكن ما هو هذا الأمر العظيم الّذي ستشاهدونه ؟ ها أنَّه يوجد في الداخل طفلٌ صغيرٌ مضجعٌ ومقمَّطٌ بالمذود . ولكن هل هذا هو مخلِّصنا ؟ يقول رئيس الملائكة جبرائيل بأنَّ هذا الطفل هو مخلِّص العالم أجمع . ويقول لنا النبي زكريا أن نفرح لأنَّه هوذا مخلِّصنا يأتي لكي يُخلِّصنا ( زكريا9: 9 ).


يا للعجب يا نبيَّ الله ! أهذا هو المسيح ملكنا ؟ وهل هكذا يولد الملوك في المغاوِر ؟ بما أنَّ هذا هو ملكنا فأين هو أثاثهُ الملكي وحاشيته ؟ إنَّنا نرى هنالك يوسف ومريم فقط مع ابن أتانٍ ( حمارٍ ) الّذي كانت تركب عليه العذراء الحبلى في أثناء سفرها. يا للمعجزة العظيمة ! هل ترون في أيِّةِ مكانٍ ولد المسيح الملك السماوي ؟ لقد ولد في قريةٍ صغيرةٍ ويتيمة وليس في مدينة كبيرة ومجيدة . فكِّروا في أنفسكم أيمكن أن يُوجدَ هنالك تواضعٌ أعظم من هذا ؟ أن يُقمِّط الله نفسه ويضطجع في مذود ( حظيرة ) الحيوانات ! ولم يجلِس على عرشٍ من العاج مثل سُليمان ( 1ملوك10: 18 ) ، أو في عربةٍ مصنوعةٍ من عظام الأسود مثل أوريليوس بل أحاط نفسه بوداعة كبيرة وبسلام وهدوءٍ بالّتي لم يأتِ بها الله أبداً إلى الأرض مثلما أتى بها الآن .


إنَّه أتى ذات مرَّةٍ إلى الجنَّة عند الغروب ولكنَّه لم يطرد آدم بغضبٍ منها حاكما عليه أن يأكل خبزه من الأرض بعرق جبينه . لقد جاء إلى ورثة نوحٍ عندما كانوا يبنون البرج وبعدما بلبل ألسنتهم بعثرهم في العالم كلِّه . لقد ذهب إلى سدُّومَ جاعلاً إياها تراباً ورماداً وأمَّا الآن فقد أتى بتواضعٍ كبير ليس لكي يُدين بل لكي يُخلِّصنا من دينونة آدم ليس لكي يُهلكنا بل لكي يتعذَّبَ من أجلنا ولكي يُخلِّصنا من عبادة الأصنام ومن إبليس . لأنَّه قبل مجيء المسيح كان العالم كلَّه يعبد الأشجار والأحجار والناس والحيوانات الأليفة والبرِّية والبصل والثوم وأشياء أخرى عديدة مما شابهها كآلهة له وكان جميعهم عند موتهم يقعون تحت قبضة الشيطان .


وكان منتشراً عبر المسكونة كلِّها ما يشبه الظلمة وكان الجميع يسلكون فيها كالعميان ولم يعرفوا كيف يُخلَّصون أنفسهم من هذه الظلمة وكيف يتخلَّصون من الشيطان . ولذلك كان على الله أن يولد من القدِّيسة مريم العذراء ويتأنَّس ويخلِّص العالم وعند ولادته نوَّرَ المسكونةَ كلَّها وخلَّص الجنس البشري من عبودية الشيطان . يا لفرحتنا وميراثنا العظيمان ! انظروا إلى مدى اللعنة الّتي كانت موجودة إلى ذلك الحين وأمَّا الآن فإلى مدى البركة ومدى السلام الموجودان بين الله والبشر . إنَّه الآن لم تعد ظلمة الوثنية موجودةً وكلُّ شيءٍ الآن يشعُّ بالنور وبالبر . حتَّى أنَّ أصنام الشيطان قد صمتوا . لأنَّه بعد ميلاد المسيح حينما سأل إمبراطور روما صنم دلفي أبولون لماذا لم يعد يستجيب حينما يسأله عن شيءٍ أجابه :" لقد أمرني المسيح ألا أتكلَّم بعد الآن بل أن أذهب إلى الجحيم ولذلك أنا صامتٌ الآن وها أنّي ذاهبٌ إلى الجحيم .


" تعجَّب الإمبراطور كثيراً من هذا الجواب ولهذا حينما عاد إلى روما صنع مذبحاً للمسيح وعليه كتابةٌ:" مذبح الإله المولود جديداً ". حقاً إنَّه من المستحيل أن نعدِّد كم من الخيرات قد حصلنا عليها من جرّاءِ ولادة المسيح . لأنَّه لم يُنورنا ويرشدنا المسيح نحو الحقِّ ولم يُخلِّصنا من سلطان الشيطان فحسب بل وجعلنا ورثةً لملكوته السماوي الّذي لا نهاية له . والّذي علينا أن نشكر الله دائماً عليه وأن نقول بأعلى صوتنا : " اسمعوا أيُّها الأمم الّذين تعيشون في أنحاء المسكونة اسمعوا وافهموا بأنَّ الله قد سكب علينا رحمته العظيمة وخلَّصنا من الشيطان ووهبنا الملكوت السماوي . ليكن له المجد إلى الدهور الأبديَّة آمين ".

مع محبتي للجميع بالمسيح ربنا آمين

كل عام و الجميع بألف خير

المسيح ولد فمجدوه.

سامر يوسف الياس مصلح

بيت ساحور 07/01/2012

ليست هناك تعليقات: